+A
A-

إعادة هيكلة الديون السيادية ضرورة مُـلِـحّـة

ينشر‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ضمن‭ ‬خطة‭ ‬“البلاد”‭ ‬لتطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬أبرمت‭ ‬الصحيفة‭ ‬اتفاقاً‭ ‬مع‭ ‬“بروجيكت‭ ‬سنديكيت”،‭ ‬وهي‭ ‬منظمة‭ ‬صحافية‭ ‬مرموقة‭ ‬لتقديم‭ ‬المقالات‭ ‬والتحليلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الرصينة‭.‬

وما‭ ‬يميز‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬أنها‭ ‬تكتب‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬خبراء‭ ‬ومهنيين‭ ‬وحائزين‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬وساسة‭ ‬واقتصاديين‭ ‬ومصرفيين‭ ‬ومفكرين‭ ‬معروفين‭ ‬عالمياً‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬أكاديمية‭ ‬من‭ ‬جامعات‭ ‬وكليات‭ ‬عريقة‭.‬

 

  • ارتفاع أسعار الفائدة والقدرة المحدودة على الوصول لأسواق رأس المال الدولية فاقمت أزمة الديون

  • “النقد الدولي” حاول إنشاء إطار مؤسسي لإعادة هيكلة الديون السيادية في 2001 - 2003 لكنه فشل

  • يجب أن تظل هيئة تسوية المنازعات مستقلة عن المجلس التنفيذي للصندوق ومجلس محافظيه

  •  واجه العالم النامي نقاط ضعف متنامية منذ اندلاع الجائحة

  • المطلوب عملية ثلاثية المراحل تتألف من إعادة التفاوض طواعية والوساطة والتحكيم 

  • لن تحصل البلدان النامية المساعدة إذا لم يضع المجتمع الدولي الديون في صدارة أجندته

 

خوسيه أنطونيو أوكامبومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬جائحة‭ ‬مرض‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬2019‭ (‬كوفيد‭ ‬2019‭)‬،‭ ‬واجه‭ ‬العالم‭ ‬النامي‭ ‬نقاط‭ ‬ضعف‭ ‬متنامية‭ ‬ترتبط‭ ‬بديون‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭. ‬وتسببت‭ ‬ارتفاعات‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬والقدرة‭ ‬المحدودة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬المشكلة‭ ‬ــ‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬البلدان‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬سداد‭ ‬ديونها‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬تتصارع‭ ‬مع‭ ‬تحديات‭ ‬السيولة‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يتوقع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬مستويات‭ ‬ديون‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬أعلى‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬ويبدو‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬المنخفضة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الدخل‭ ‬ستظل‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬إجهاد‭ ‬الديون،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معرضة‭ ‬لخطر‭ ‬التخلف‭ ‬عن‭ ‬السداد‭. ‬

‭ ‬بيد‭ ‬إن‭ ‬خطورة‭ ‬الأزمة‭ ‬لا‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬التعاون‭ ‬العالمي‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬قدمت‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬نيودلهي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬مقترحات‭ ‬مهمة‭ ‬لتمويل‭ ‬التنمية،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تحرز‭ ‬تقدما‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬المديونية‭ ‬المفرطة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المنخفضة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الدخل‭. ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬آلية‭ ‬شاملة‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬المتكررة‭ ‬الواسعة‭ ‬الانتشار‭. ‬

‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬آلية‭ ‬قائمة‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون،‭ ‬أو‭ ‬نادي‭ ‬باريس،‭ ‬تغطي‭ ‬فقط‭ ‬الديون‭ ‬السيادية‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬بلدانها‭ ‬الأعضاء‭ ‬الاثنين‭ ‬والعشرين‭ ‬ــ‭ ‬وأغلبها‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭. ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬تبنى‭ ‬مقرضون‭ ‬متعددو‭ ‬الأطراف‭ ‬وحكومات‭ ‬أجنبية‭ ‬استجابات‭ ‬خاصة‭ ‬مرتجلة‭ ‬لأزمات‭ ‬الديون‭ ‬السيادية‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ساعدت‭ ‬خطة‭ ‬برادي،‭ ‬التي‭ ‬دعمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬جرى‭ ‬تنفيذها‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬أميركا‭ ‬اللاتينية‭ ‬في‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬ديون‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬وحفز‭ ‬تطوير‭ ‬سوق‭ ‬السندات‭ ‬السيادية‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬أطلق‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي‭ ‬مبادرة‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬لتزويد‭ ‬البلدان‭ ‬المنخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬بإرجاء‭ ‬السداد‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬بشدة؛‭ ‬ثم‭ ‬اسـتُـكمِـل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬بالمبادرة‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬لتخفيف‭ ‬أعباء‭ ‬الديون،‭ ‬التي‭ ‬ألغت‭ ‬ديون‭ ‬البلدان‭ ‬المؤهلة‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها‭ ‬والمستحقة‭ ‬لدائنين‭ ‬متعددي‭ ‬الأطراف‭.‬

‭ ‬تدابير‭ ‬تفاعلية

‭ ‬تهدف‭ ‬تدابير‭ ‬تفاعلية‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭. ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬الأزمة‭ ‬المكسيكية‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬اقترحت‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرة‭ ‬التابعة‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬إدخال‭ ‬فقرات‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬السندات،‭ ‬لتمكين‭ ‬الأغلبية‭ ‬المؤهلة‭ ‬من‭ ‬حاملي‭ ‬السندات‭ ‬من‭ ‬تعديل‭ ‬الشروط‭ ‬والأحكام،‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬الديون‭ ‬اليونانية،‭ ‬أصدر‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تفويضا‭ ‬بإدراج‭ ‬بنود‭ ‬التجميع‭ ‬الخاصة‭ ‬بفقرات‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬السندات‭ ‬المبرمة‭ ‬بين‭ ‬أعضائه،‭ ‬وأفضى‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬تسهيل‭ ‬إعادة‭ ‬التفاوض‭ ‬المشترك‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭. ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإصلاحات،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بإمكان‭ ‬الدائنين‭ ‬بناء‭ ‬أغلبيات‭ ‬مُـعيقة،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬جزئيا‭ ‬إلى‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬فقرات‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬الموسعة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬السندات‭ ‬السيادية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬البلدان‭ ‬الناشئة‭ ‬والنامية،‭ ‬وجزئيا‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السندات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬الدين‭. ‬

‭ ‬حاول‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬إنشاء‭ ‬إطار‭ ‬مؤسسي‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬السيادية‭ ‬أثناء‭ ‬الفترة‭ ‬2001‭ - ‬2003،‭ ‬لكنه‭ ‬فشل‭. ‬كانت‭ ‬الآلية‭ ‬المقترحة‭ ‬لتسمح‭ ‬بإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬غير‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬سريعة‭ ‬ومنظمة‭ ‬ويمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الدائنين‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬هيئة‭ ‬الإشراف‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬ومجلس‭ ‬محافظيه‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬رفضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المبادرة،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ (‬وأبرزها‭ ‬البرازيل‭ ‬والمكسيك‭)‬،‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الآلية‭ ‬إلى‭ ‬تقييد‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬رأس‭ ‬المال‭. ‬

‭ ‬أثناء‭ ‬الجائحة،‭ ‬عندما‭ ‬سجلت‭ ‬مستويات‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬ارتفاعا‭ ‬شديدا،‭ ‬أنشأت‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬ونادي‭ ‬باريس‭ ‬مبادرة‭ ‬تعليق‭ ‬مدفوعات‭ ‬خدمة‭ ‬ديون‭ ‬البلدان‭ ‬المنخفضة‭ ‬الدخل،‭ ‬والتي‭ ‬أوقفت‭ ‬مدفوعات‭ ‬ديون‭ ‬48‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬73‭ ‬دولة‭ ‬مؤهلة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬أقرت‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬ونادي‭ ‬باريس‭ ‬الإطار‭ ‬المشترك‭ ‬لمعالجة‭ ‬الديون‭ ‬لتنسيق‭ ‬وتخفيف‭ ‬أعباء‭ ‬الديون‭ ‬عن‭ ‬البلدان‭ ‬المؤهلة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬تعليق‭ ‬مدفوعات‭ ‬خدمة‭ ‬الديون‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬توصلت‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬فقط‭ ‬ــ‭ ‬غانا،‭ ‬وزامبيا،‭ ‬وتشاد‭ ‬ــ‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بموجب‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تقدمت‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬ــ‭ ‬إثيوبيا‭ ‬ــ‭ ‬بطلب‭. ‬وفقا‭ ‬لبعض‭ ‬تقارير،‭ ‬تسببت‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬خفض‭ ‬التصنيف‭ ‬الائتماني‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المستفيدين‭ ‬المحتملين‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭. ‬

‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬الحاجة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬دائم‭: ‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬مؤسسية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬السيادية،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يستضيف‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الآلية،‭ ‬ولكن‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬هيئة‭ ‬تسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للصندوق‭ ‬ومجلس‭ ‬محافظيه،‭ ‬كما‭ ‬اقـتُـرِح‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدعو‭ ‬إطار‭ ‬إعادة‭ ‬التفاوض‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬ثلاثية‭ ‬المراحل‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬التفاوض‭ ‬طواعية،‭ ‬والوساطة،‭ ‬والتحكيم،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المراحل‭ ‬بأجل‭ ‬محدد‭. ‬

‭ ‬مفاوضات‭ ‬معقدة

‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬جرى‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬الآلية‭ ‬القانونية،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬مفاوضات‭ ‬طويلة‭ ‬ومعقدة‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬الأداة‭ ‬المخصصة‭ ‬تشكل‭ ‬مكملا‭ ‬أساسيا‭. ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الغاية،‭ ‬اقترحت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكيانات‭ ‬أخرى‭ ‬إطارا‭ ‬مشتركا‭ ‬منقحا،‭ ‬والذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬إطارا‭ ‬زمنيا‭ ‬واضحا‭ ‬وأقصر‭ ‬لإعادة‭ ‬الهيكلة،‭ ‬وتعليق‭ ‬مدفوعات‭ ‬الديون‭ ‬أثناء‭ ‬المفاوضات،‭ ‬ووضع‭ ‬إجراءات‭ ‬وقواعد‭ ‬واضحة،‭ ‬وضمان‭ ‬مشاركة‭ ‬الدائنين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الأهلية‭ ‬ليشمل‭ ‬البلدان‭ ‬المتوسطة‭ ‬الدخل‭. ‬ولضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة،‭ ‬ينبغي‭ ‬لأي‭ ‬اتفاق‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬آجال‭ ‬الاستحقاق‭ ‬وأسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬المنقحة،‭ ‬بل‭ ‬وأيضا‭ ‬خفض‭ ‬الديون‭ ‬إذا‭ ‬اقتضت‭ ‬الضرورة‭. ‬

‭ ‬وكما‭ ‬اقترحت‭ ‬سابقا،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬البديل‭ ‬آلية‭ ‬يدعمها‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬بنوك‭ ‬التنمية‭ ‬الإقليمية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف‭.‬‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬إطار‭ ‬إعادة‭ ‬التفاوض،‭ ‬ستكون‭ ‬المؤسسة‭ ‬المشرفة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬التمويل،‭ ‬ومعالجة‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬توازن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المعنية،‭ ‬ودعم‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭. ‬وإذا‭ ‬أُصـدِرَت‭ ‬سندات‭ ‬جديدة،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬ضمان‭ ‬مرفق،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬سندات‭ ‬برادي‭. ‬

‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬مسألة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬إدراج‭ ‬الديون‭ ‬المستحقة‭ ‬لبنوك‭ ‬التنمية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬منخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭. ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬حصة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬المنخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬إدراجها‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬فسوف‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ضمان‭ ‬التدفق‭ ‬المستمر‭ ‬لمساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬لتغطية‭ ‬خسائرها‭. ‬

‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أصبح‭ ‬الفصل‭ ‬التقليدي‭ ‬بين‭ ‬الدائنين‭ ‬الرسميين‭ ‬والدائنين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬بسبب‭ ‬المقرضين‭ ‬الرسميين‭ ‬الجدد،‭ ‬وأبرزهم‭ ‬الصين،‭ ‬وظهور‭ ‬عقود‭ ‬ديون‭ ‬متنوعة‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬السندات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الضمانات‭ ‬لمستثمري‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬“التجميعات”‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬كل‭ ‬الالتزامات‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬إنشاء‭ ‬سجل‭ ‬عالمي‭ ‬للديون‭ ‬يغطي‭ ‬كل‭ ‬الالتزامات‭ ‬المستحقة‭ ‬لدائنين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والدائنين‭ ‬الرسميين‭ ‬أمر‭ ‬مطلوب‭ ‬لضمان‭ ‬المعاملة‭ ‬العادلة‭ ‬للدائنين‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشفافية‭. ‬

‭ ‬أخيرا،‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬الديون‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬اقترح‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى‭ ‬اعتماد‭ ‬سندات‭ ‬الدولة‭ ‬المشروطة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وهي‭ ‬تضبط‭ ‬العائدات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يخفف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزانيات‭ ‬العمومية‭ ‬السيادية‭ ‬أثناء‭ ‬فترات‭ ‬الركود‭. ‬

‭ ‬لن‭ ‬تحصل‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬أبدا‭ ‬على‭ ‬الإغاثة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬أجندته‭.‬‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولويات‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ريو‭ ‬دي‭ ‬جانيرو‭ ‬والمؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬الرابع‭ ‬للتمويل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية،‭ ‬الذي‭ ‬ستستضيفه‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭.‬

 

خوسيه‭ ‬أنطونيو‭ ‬أوكامبو

وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬والائتمان‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬كولومبيا،‭ ‬وأستاذ‭ ‬بجامعة‭ ‬كولومبيا‭.‬