+A
A-

عطية الله روحاني لـ “البلاد”: طوارئ السلمانية بصدارة الجهات التي تصلنا الشكاوى عنها

قال الناشط الحقوقي، عضو مفوضية حقوق السجناء والمحتجرين، ورئيس جمعية شعلة المحبة والسلام عطية الله حسن روحاني بأن أكثر الشكاوى التي تصله، هي على أقسام الطوارئ تحديدا، بالأخص طوارئ مستشفى السلمانية الطبي، موضحا “هنالك حالات مرضية تصل إليهم، ولا يتم الأخذ بها بجدية؛ نظرا لمبررات تدور بفلك عدم وجود الأسرَّة الكافية، وما بحكمها، وبأن المترددين من المرضى كثيرون”. وأوضح روحاني خلا لقاء أجرته معه “البلاد” بأنه ونظرا لكثرة الشكاوى التي تصلنا تباعا عن قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، فإن هنالك قرارات يجب أن تتخذ قبالة ما يجري من فوضى.

إلى ذلك، أوضح روحاني بأن”المستقبل الحقوقي في البحرين واعد، وأن الشباب البحريني لقادر على أن يحقق مساحات متقدمة بهذا المجال المهم، لكن المهم هنا هو الحذر أثناء التعامل مع الآخرين، وتحصين النفس قبل الإقدام على أي خطوة؛ لأن هنالك من يستغل طيبة الحقوقيين ومساعيهم، بخلاف ما يدعون”.

كيف كانت بداياتك في العمل الحقوقي والعمالي؟

فاقد الشيء لا يعطيه، إذا لم يستطع المرء إثبات وجوده في العمل، فإن لديه شيئا أساسيا مبتورا بحياته، حين بدأت العمل بإحدى كبرى الشركات الوطنية في البحرين حينها، عانيت الأمرين من الظلم من جانب الأجانب، والذين كانوا يهيمنون على مفاصل الشركة.

وعليه، دخلت في المجال العمالي حينها، وبدأنا بتأسيس نقابة الشركة، للدفاع عن حقوق العمال بها، وكانت هذه الباكورة بداية عملي العمالي ومن ثم الحقوقي، والذي يرتكز بالدفاع عن المظلومين والمقهورين ولفترة تجاوزت الثلاثين عاماً، أوصلتني فيما بعد لمراحل متقدمة من بناء السمعة والعلاقات الوثيقة مع الناس، بناء على شخصية رسمتها لهم، تقوم على الصراحة، والوضوح، والصدق مع الآخرين.

 

ما أهم التحديات التي تواجه الناشطين بهذين المجالين؟

التحدي الأكبر بكيفية أن تعيد الحق للعامل، أو لمن تعرض للظلم؛ لأن هنالك ضغوطات وتحديات ستحول دون تحقيقك لمساعيك، خصوصا للعمال، حيث ستواجهك إدارة الشركة، أو الجهة التي يعمل بها، بكل قوة، وبكل ما لديها من خبرات ومستشارين وغيرها، وهو أمر تمكنت من التغلب عليه مع تراكم الخبرة، وتزايدها.

من التحديات أيضا عدم التنازل عن حقوق الآخرين، والثبات على الحقوق حتى تعود على أصحابها، ناهيك عن التضحية التي يقدمها الناشط الحقوقي والعمالي من وقته وراحته، وهو أمر قد يفتح له جبهه مع أفراد أسرته، وبحاله تصادم، تقوم على أن يختار ما بينهم، أو حقوق المظلومين.

أذكر بأن أحد العمال انكسرت رجله في العاشرة مساء بأحد المصانع، ومسؤول القسم دفعه على العودة للمنزل دون الذهاب للمستشفى، حتى لا يلوث ملفه الوظيفي، فاتصل بي بحدود الساعة الحادي عشرة وشكا لي الأمر، فخرجت من المنزل فورا واصطحبته لمستوصف الشركة، وتمت معالجته، وتسجيل الواقعة كإصابة عمل، وهنالك تحديات أخرى كثيرة، لكن هذين أهمها.

ما أكثر الشكاوى التي تصلك بحكم عملك؟

أكثر الشكاوى التي تصلني هي على أقسام الطوارئ تحديداً، بالأخص طوارئ مستشفى السلمانية الطبي، حيث إن هنالك حالات مرضية تصلهم، ولا يتم الأخذ بها بجدية؛ نظرا لمبررات تدور بفلك عدم وجود الأسرة الكافية، وما بحكمها، وبأن المترددين من المرضى كثيرون.

ومن الأمثلة على ذلك، يوم استدعيت لأجل عائلة تعرض أحد أفرادها لحالة حرجة من الدرجة الثانية، متمثلة بإغماء كلي بفعل مضاعفات لمرض الكبد الوبائي، حيث أكد لي أفراد أسرته بأنه تم جلبه ظهيرة يوم الجمعة، لطوارئ قسم السلمانية، ولتأخير النظر بعلاجه حتى الثلاثاء، تعرض لتلف بالكبد (من الدرجة الثانية)، يومها وبعد وصولي لهم، بالظهيرة تحديداً، طلبت مباشرة رئيس الطوارئ، وسألته عن سبب تعطيل المريض لأربعة أيام، وبهذه الحالة الحرجة التي قد تؤدي لوفاته.

وبعد ستة ساعات، أحضروا سيارة إسعاف، وأسعفوه لمستشفى الملك فهد التخصصي للكبد الوبائي بالدمام، ولقد قال له الطبيب بالحرف: كنت على حافة الموت، وهو يتعالج الآن ومنذ عام كامل؛ للتخلص من المضاعفات التي حدثت له نظير هذا التأخير.

لولا تدخلي باللحظة الأخيرة، وإنقاذه، لكان هذا الشاب البريء بخبر كان، ولقد تساءلت هنا بقرارة نفسي، لماذا أكون أنا السبب بهذا الحال، وليس المستشفى نفسه، والوزارة من بعد.

ناهيك بأن هنالك كثيرا من الشكاوى التي تصلنا تباعا عن قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، هنالك قرارات يجب أن تتخذ قبالة ما يجري من فوضى.

كيف تقرأ التقرير الحقوقي الأخير الصادر من وزارة الخارجية الأميركية الأخير عن البحرين؟

هنالك منظمات حقوقية كثيرة، منتشرة بالولايات المتحدة، وأوروبا، تمزج السياسة بحقوق الإنسان، وللبحرين تجارب كثيرة في هذا السياق، علما أن كثيرا من الجهات الحكومية سواء في أمريكا أو غيرها، تستقي معلوماتها من هذه المنظمات، دون الرجوع لأصل الحقيقة.

ويأتي هذا التناقض مع التقدم الكبير الذي حققته البحرين، في السنوات الأخيرة، والتي بدأت باكورتها مع مشروع جلالة الملك الإصلاحي، منها إيجاد مؤسسات مستقلة تساعد المجتمع والدولة على معرفة الحقائق، وضمان حقوق الناس، منها مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والأمانة العامة للتظلمات، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وآخرها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، والتي تعتبر سابقة على مستوى الوطن العربي.

أضف أنه وإذ ما نظرنا لإصلاحات جلالة الملك، فسنجد أن هنالك كثيرا من الإنجازات التي حققتها البحرين، في حين أن البحرين لا تزال تراوح مكانها، حتى اللحظة، وعليه، فإن التقارير الأميركية وغيرها عليها علامات استفهام كبيرة، وغير مفهومة النوايا.

 

كنت قد ذكرت مسبقا بأن هنالك من يستغلكم – كنشطاء- بشكل بشع لمصالحه الشخصية، كيف؟

بالفعل، هنالك من يستغل طيبتنا، وإنسانيتنا، وبشكل بشع، يدور بفلك المصالح الشخصية، منها –على سبيل المثال- حادثة تعرضت لها شخصياَ مع أحدهم في العام 2013، حيث اجتمعت، وذكر لي أنه طيار، وأنه ممنوع من السفر، بسبب مشاكل عقارية مع إحدى الشركات، وأنه على وشك تصفية الخلاف، وبأن منع السفر هذا يعطل حياته؛ كون عمله يتطلب منه السفر الدائم.

وبالفعل ذهبت معه للمحكمة لضمان عودته على مسؤوليتي الشخصية ولمدة شهرين، وبعد أن كفلته، قامت الشركة العقارية بعمل منع جديد للسفر عليه، بعد أن نكث عهوده معها، وقامت بوضع من السفر علي أنا أيضا؛ لأنني كفيل غارم له، ولقد تم إغلاق القضية فعلياً العام 2016.

ونصيحتي للعاملين بالمجالين الحقوقي والعمالي، هو الحذر أثناء التعامل مع الآخرين، وتحصين أنفسهم قبل الإقدام على أي خطوة؛ لأن هنالك من يستغل هذه الطيبة والمساعي، بخلاف من يدعي.

 

كيف تقرأ مستقبل عملك في البحرين خلال المرحلة المقبلة؟

مستقبل واعد لشبابنا بهذا المجال بالذات، ولدي شباب كثيرون يعملون معي، وأرى اندفاعا إيجابيا، وحرصا للعمل بكل جد وإخلاص ومعرفة لخدمة البحرين، ولي أن أشكر بهذا السياق وزارة التربية والتعليم على إدخالها منهج حقوق الانسان والمواطنة، إذ يسهم بتعزيز مفاهيم مهمة لأبنائنا الطلبة، وبمرحلة مهمة يتسارع كثيرون حول العالم لتعليم أجيالهم وتثقيفهم بها.