+A
A-

سوء الإدارة وراء هروب الكفاءات

هذا المقال يحكي عن فئة كبيرة من المديرين الذين ساهموا - للأسف - في هجرة العقول العربية من مجتمعاتنا، إذ تشير بعض البحوث من مركز “رد روك” إلى أن 75 % من الموظفين يغيرون وظيفتهم بسبب مديريهم!

يقول ماركوس باكينغهام أحد مسؤولي المركز المذكور: إن الموظفين لا يتركون الشركات السيئة، إنما يتركون المديرين السيئين (في إشارة منه إلى أن أهم أسباب إنتاجية الموظف هي مديره في العمل)!

عزيزي المدير، لا تكترث بهذا الكلام فأنت “منزه عن هذا كله”، أنت “عادل ومنصف”.. أنت من قمت بتوظيف ابن عمك مديرا في الشركة وهو لا يمتلك شهادة جامعية، بالرغم من وجود كفاءات بسبب كرم وشيم العرب! أنت الذي سعيت لنقل الموظف الفلاني من قسمك فقط؛ لأنك شعرت أنه أذكى منك وهو خطر على نعشك، عفوا أقصد كرسيك. أنت يا عزيزي المدير من نسبت فضل نجاح موظفيك إلى نفسك، فهؤلاء الموظفون ما هم إلا فلول تضيع دون “رؤيتك الخارقة وتوجيهاتك”!

أيها المدير الجهبذ الفذ..

لماذا تسعى لتطوير هذا الموظف أو ذاك دون غيرهم؟! إذا كان القسم ماضيا بمثل هذه الطريقة فلم غربلة القسم باسم تطوير الموظفين؟! هل تدفن الموظف في وظيفته - بلا تطوير - كونه يجيد ما يقوم به؟!

عزيزي المدير.. كن شديدًا في أوقات العمل وحاسب الموظف على التأخير، وإن تأخر 5 دقائق، نعم حاسبه، وإن كنت أنت بنفسك تتأخر كل يوم، ولكنك ملاك طاهر من السماء فأنت فوق القانون! ابتعث أقرباءك الذين وظفتهم في هذه الشركة (التي تعمل بها وتتصرف وكأنك تملكها).. نعم ابتعثهم إلى ورش عمل للتطوير ولا تبتعث غيرهم، فـ “الأقربون أولى بالمعروف”.

عزيزي المدير.. الأموال في هذه الشركة ورثتها أنت من أهلك، فلا بأس أن تبدد المال هنا وهناك، بل وتعطي الأسعار الخاصة لمن تحب وتشاء، ولكن انظر عزيزي المدير لهذه الموظفة الجديدة، كم هي جميلة.. ألا يجدر أن تكون سكرتيرتك الخاصة؟! لم النظر لمن حولك بوجه عبوس وأنت قادر على أن تجعل هذا الوجه جميلًا حسنًا وأن تمازحهم وتحاول استخراج ضحكاتهم حتى تشعر بالنصر والفخر؟!

عزيزي المدير، اجلس في مكتبك وارسم واكتب ولون واعمل ما تشاء حتى ينقضي وقت الدوام، ولكن لا تنس مراقبة موظفيك من كاميرات المراقبة؛ حتى تحاسبهم.. لازال هناك الكثير من الوقت لتصفح الصحيفة وشبكة الانترنت واحتساء كوب من القهوة بل كوبين أو ثلاثة دون أن تبالي ففي النهاية، كلامك الذي سيسمعه المسؤول وكل واحد من موظفيك كما مسيلمة الكذاب لا يعتد بكلامهم!

أنا متأكد أنك لست وراء هجرة 75 % من العقول العربية إلى كندا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وحين يحين وقت الصلاة، احرص على الصف الأول حتى يوفقك الله بالرغم من فسادك بالوساطات وعدم انصافك للموظفين، ولكنك تتكلم بالدين وتقرا وتصلي ما تشاء!

عزيزي المدير.. اليوم أم عيالك جهزت لك غداءك المفضل، لا تنسى مغادرة المكتب قبل ساعة من انتهاء الدوام حتى تتفادى زحمة السير، وأخبر موظفيك أنك في اجتماع، وأخبر الادارة أن زوجتك مريضة!

أتعلم شيئًا؟.. لا تكمل قراءة كلامي... يكفي هكذا... فنحن نعيش الحياة مرة واحدة.

محمد العرادي