+A
A-

السفير التونسي لـ “البلاد”: “داعش” و “القاعدة” صنيعة الاستخبارات الأجنبية

الاقتصاد التونسي يشهد تعافيا ونأمل مساندة الأشقاء العرب
أمن البحرين جزء لا يتجزأ من الأمن القومي التونسي
نأمل أن تستقطب الأسواق الخليجية المنتجات التونسية
الحرب ضد الإرهاب لا يمكن أن تؤتي ثمارها سريعا

 

أكد السفير التونسي بمملكة البحرين محمد بن يوسف أن سياسة الحرب ضد الإرهاب لا تؤتي أكلها بدءًا من الغد، مؤكدًا أن “على الدول العربية مراقبة المحتوى الديني والثقافي؛ لكي يكون خاليًا من الترويج للخطاب العنيف والمتشدد والأفكار الهدامة للمجتمع”.
وبين يوسف بلقاء أجرته معه “البلاد” أن الدولة التونسية تشهد حالة من الاستقرار الأمني والسياسي، لكنها بحاجة لمزيد من دعم الأشقاء العرب، والخليج تحديدًا، فيما يخص ضخ الاستثمارات.
 وأضاف أن “الاقتصاد التونسي، لم يتعاف بعد، نتيجة للضرر البالغ الذي طال القطاع السياحي، والمتغيرات السياسية التي مرت بالبلاد، وأيضًا الأعمال الإرهابية التي استهدفت عددا من المناطق الحيوية، وأدت لمقتل عدد من السواح”.
وفيما يلي نص اللقاء.
كيف تقرأ مستجدات المشهد التونسي بعد المخاضات الصعبة التي عصفت بالبلاد خلال الأعوام الأخيرة؟
 - ونحن على أبواب الذكرى الثانية والستين لاستقلال تونس، نتقدم نحو مرحلة جديدة من البناء، بعد الظروف الصعبة التي عصفت ببلادنا، أخص منها الصراعات السياسية خلال العامين 2012 و2013.
 وبعد انتخابات 2014 تم تثبيت المؤسسات بشكل دائم، منها انتخاب مجلس النواب، الذي انبثقت عنه حكومة جديدة، لتتواكب التطورات إلى حكومة وحدة وطنية، تجمع عددا من الأحزاب السياسية، وبتأييد ودعم من المنظمات الوطنية، كالاتحاد التونسي للشغل، واتحاد الصناعة والتجارة، واتحاد المزارعين، كما انضمت له أخيرا منظمة المرأة التونسية.
فعلى المستوى السياسي، الصراع والشد الذي كان موجودا، تم الانتهاء منه، ولدينا الآن رئيس جمهورية منتخب، ومجلس نواب، وحكومة وحدة وطنية، فلا يستطيع أحد أن يجادل، أو يناقش في شرعيتهم، وهو أمر مهم للدُربة على موضوع انتقال السلطة، والحوكمة الرشيدة.
 ما الصعوبات التي تواجه تونس الآن؟
 - الصعوبات التي تواجه الاقتصاد التونسي جاءت نتيجة للضرر البالغ الذي طال القطاع السياحي، والمتغيرات السياسية التي مرت بها تونس، وأيضًا الأعمال الإرهابية التي استهدفت عددا من المناطق الحيوية، وأدت لمقتل عدد من السواح.
ونطمح بسياق ذلك لأن تكون الأسواق العربية، والخليجية تحديدًا، أماكن استقطاب للمنتجات التونسية، والتي تتميز بالجودة، والكفاءة، ولأن أشقاءنا العرب هم أقرب لنا من غيرهم.
ما أولويات الدولة التونسية اليوم؟
 - إعادة تشغيل الحركة الاقتصادية مجددًا، وإعادة مؤشر النمو لوضعه الطبيعي، ولقد حققنا السنة الحالية 2 % تقريبا، وتقديراتنا بأن نحقق نموًا العام 2108 بنسبة 3 %، وفي العام 2019 نسبة 3.5 %.
ونأمل أيضًا باستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتوفير مختلف التسهيلات الممكنة للمستثمرين الأجانب، وتنشيط الاستثمار الداخلي عن طريق القطاع الخاص نفسة، والتي ستسهم بتوفير الوظائف عن العاطلين عن العمل، والذين تبلغ نسبتهم قرابة 15 % وهو رقم كبير.
وماذا عن الأولويات الأمنية؟
- النمو الاقتصادي الذي تشهده تونس، ما كان ليتحقق إلا بأوضاع أمنية مستقرة، فالأمن - وكما تعلم - يمثل الأرضية الأساسية التي يقوم عليها الحراك الاقتصادي والسياحي، وبقية الأمور الأخرى.
وبإنجاز يعود للجهود الذي تقوم به الحكومة، والجيش التونسي، وبقية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأخرى، الذين قدموا الكثير من الجهود والتضحيات، حتى مكنوا تونس لتصل إلى الأوضاع المستقرة التي تعيشها اليوم.
وكان نتاج ذلك أنه لم تشهد تونس خلال العامين 2016 و2017 أي أعمال إرهابية تذكر، لكن وفي المقابل، الحرب على الإرهاب متواصلة، لا يمكن أن تتوقف؛ لأن أي تراخ، أو استسهال، قد يستغل للقيام بأعمال غدر وارهاب، والتي لا يمكن أن ننتظرها.
نتاج الإرهاب، وقف عجلة الاقتصاد عن التحرك خطوة واحدة، ونحن في تونس نعتمد على السياحة اعتمادًا كبيرًا، إذ يعتبر قطاعا حيويا، يضاف الى الصناعة والزراعة والتصدير، ووقع هنالك حادثان ارهابيان مهمان في 2015 أحدهما بالفندق في سوسة، ومات على إثره سواح أجانب، وكان بشهر يوليو، أي بذروة الموسم السياحي.
وهنالك أيضًا واقعة الكمين الإرهابي الذي حدث بنهاية 2015 والذي استهدف حافلة لقوات الأمن الرئاسي.
 كيف تنظر للعلاقات البحرينية التونسية؟
- علاقات متميزة، وبأفضل مستوياتها، ونعمل جاهدين لرفعها لأعلى المراتب، وهنالك شواهد لذلك، منها زيارة رئيس الجمهورية في يناير 2016 للبحرين، وكانت أول زيارة لرئيس تونسي للبحرين، أضف أنه وفي أكتوبر 2016 قام وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بزيارة رسمية لتونس، انعقدت على إثرها اللجنة المشتركة في دورتها السادسة، وهي التي لم تجتمع منذ 2002، أي أن اجتماعها جاء بعد 14 سنة.
كما تم تعيين سفير بحريني جديد بتونس وهو إبراهيم المحمود، والذي قدم منذ أسبوعين أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية، ونحن نعمل على إجراء كثير من التنسيق والتشاورات معه، وبشكل شبه يومي.
اقتصاديًا، التبادل التجاري ما بين البحرين وتونس يبلغ 16.5 مليون دولار سنويًا، وهو رقم لا يرتقي للطموح، وأهم السلع من تونس هي التمور والفواكة والمواد الغذائية، أما من البحرين فهي الألمنيوم، ورجحة التبادل التجاري للبحرين هي أكثر من تونس.
هل دعم الدول العربية والخليجية تحديدًا لتونس بمستوى الطموح؟
 - علاقاتنا مع كل الدول العربية والخليجية مميزة، من دون استثناء، لكن الدعم لتونس وفي ظل الأوضاع التي تعصف بها ليست بالمستوى الذي نأمله، وكنا ننتظر دعمًا اقتصاديًا أكبر، واستثمارات، لكننا نتفهم بكل الأحوال، مع نزول أسعار النفط، والظروف الاقتصادية الراهنة.
لكننا نتأمل وجودهم، كلما سنحت الفرصة، وتونس تواجه هذه الظروف الصعبة، والتحديات الجسيمة.
برأيك، هل نجحت تونس بمواجهة الإرهاب والتطرف الديني والأهم الفكر التكفيري؟
- سياسة الحرب ضد الإرهاب لا تؤتي أكلها منذ الغد، بل هي تتطلب مساحة من الوقت، يتخلل استراتيجيات للدولة على المستويات الثقافية، والتعليمية، والمناهج، واعتقادي هنا أن الدول العربية كلها مدعوة لمراقبة المساجد والخطب، وأن يكون المحتوى خاليا من الترويج للخطاب العنيف والمتشدد والأفكار الهدامة للمجتمع، ولا أقصد أن يكون للدولة تدخل علني بذلك، وتونس بصدد النجاح قياسًا بالوضع الراهن اليوم، وما كان عليه بالسابق.
محاربة الإرهاب والتطرف لا يكون من خلال القوات الأمنية فقط، وإنما بدعمهم عبر إجراءات مرافقة من الدولة منذ مرحلة الطفولة، وحتى الجامعات، لكي ينشأوا على القيم السمحة، والفكر المعتدل.
هل أثبتت شواهد الإرهاب الذي عصف بتونس، أن هنالك بصمات أجنبية خلف ذلك؟
 - لا أستبعد ذلك، فالإرهاب الذي يستهدف الدول، لا تستطيع إدارته التنظيمات الفردية والعادية، والتنظيمات الكبيرة كـ “داعش” و “القاعدة” عليها علامات استفهام كبيرة، كيف نشأت؟ ومن أي لها هذه الأموال وهذا الإعلام المتطور؟ وكيف تمددت لتحتل مساحات واسعة من العراق وسوريا بسرعة بالغة مثيرة للاستغراب؟
 لا نتصور أن هذه الجماعات، ومن نفسها، بليلة وضحاها، أصبحت بهذه القوة الكبيرة، وهو ما يؤكد ارتباطها ببعض الدوائر الاستخباراتية الأجنبية.
 الكل يشكو من التدخلات الإيرانية بالمنطقة، فهل هنالك وجود إيراني بتونس؟
 - لا وجود لأي بصمات فكرية أو سياسية إيرانية، والمجتمع التونسي مجتمع متعلم، متماسك، ومتجانس، وعلى مستوى بنية المجتمع، وعليه فإن الاختراقات الإيرانية أمر صعب.
كيف تنظر لعلاقات تونس مع دول الجوار؟
- علاقات متميزة بكل دول الجوار، خصوصا الجزائر؛ لأنها على تماس حدودي مع تونس، وهنالك تعاون أمني، واستخباراتي قوي معها؛ لمواجهة تدفق الجماعات الإرهابية والمسلحة عبر الحدود.
أما بالنسبة للوضع في ليبيا، فهو مختلف كما تعلم، بل إن الأوضاع الأمنية داخل العمق الليبي، تمثل تحديًا لتونس نفسها، وما يحدث هناك يؤثر ببلادنا مباشرة.
كيف تنظر لمستجدات أزمة المقاطعة مع قطر؟
 - تربطنا كدولة تونسية علاقات وثيقة مع كل الدول العربية، ومنها دول الخليج، ولقد اطلع فخامة الرئيس، ووزير الخارجية، عما يجري من إشكالات، ووجها بأن تحل الأمور عن طريق الحوار.
أثارت عضو مجلس النواب التونسي مباركة عواينية بتصريحاتها المسيئة للبحرين، كثيرا من الجدل، برأيك ما النوايا الحقيقية القائمة خلف هذه التصريحات؟
 - كان تصريحا بمجلس النواب، ومر بتونس مرور الكرام، ولم ينتبه له أحد، حتى حدوث رد الفعل بالبحرين، فالموضوع أن النائب عواينية عبرت عن موقف يمثلها هي، ولا يمثل الدولة التونسية، فمواقف تونس الرسمية تعبر عنها الخارجية ورئاسة الجمهورية، وسفير الدولة بالخارج.
بل إنه وحين زار رئيس الجمهورية البحرين العام 2016، قالها صريحة إن أمن البحرين هو جزء من الأمن التونسي نفسه، وكممثل للدولة التونسية أؤكد لك وأجدد التأكيد بأن تونس تدعم البحرين، وتساندها، وأمنكم من أمننا.
وأريد بهذه المناسبة بأن أحيي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب البحريني عبدالله بن حويل على تعاطيه الحكيم في التصرف مع هذه الواقعة، وتواصله المباشر معي، الأمر الذي أسهم بتوضيح ملابسات الواقعة بشكل منطقي، وعاقل، حافظ على تميز العلاقات بين الدولتين الشقيقين.