+A
A-

تصديقا لتوقعات مصرفيي البحرين.. “البتكوين” تثير ذعر العالم

يبدو أن نبوءة المصرفيين البحرينيين صدقت حين قالوا إن التعامل بالعملات الافتراضية مثل “البتكوين” تظل عملية محفوفة بالمخاطر، وإنه لا يمكن الوثوق تماماً بهذه العملات، كبديل عن المعاملات المالية التي تتم بالعملات العالمية أو الوطنية، والتي تفترض التخلي تماماً عن دور البنوك المركزية والمصارف التقليدية في تنظيم التحويلات المالية.

وقفزت عملة “البتكوين” بصورة جنونية الأسبوع الماضي حين بلغت نحو 17 ألف دولار قبل أن تتراجع بشكل سريع إلى 14 ألف دولار، وذلك قبيل أن يبدي مصرفيون بحرينيون توجسهم من هذه الزيادة، إذ تقدر الزيادة خلال هذا العام فقط بأكثر من 1000 %، الأمر الذي أثار المخاوف من أن تكون العملة الرقمية قد غدت فقاعة تقترب من الانفجار.

وكان المصرفيون البحرينيون قد حذروا الاسبوع الماضي من هذه العملة، قبل أن تبث الذعر بدول عربية وغربية، من بينها المغرب التي منعت التداول بها، في حين حذرت المملكة العربية السعودية في وقت سابق من مغبة تداول هذه العملة غير المعترف بها في البلاد، كما حذر مصرف إنجلترا المركزي منها.

لا وجود لضمانات

ودق المصرفي المخضرم، الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف ناقوس الخطر حين عبر عن خشيته بصراحة على مصير ثروته من يستثمر أمواله في هذه العملات الافتراضية بالقول “ أنا أخشى على الناس الذين سيستثمرون في هذه العملة ألا يحصلوا على أموالهم مجدداً، أعتقد أننا يجب أن نكون حذرين للغاية بالتعامل مع البتكوين”.

وأشار يوسف، وهو أيضا رئيس جمعية المصارف البحرينية، أنه يتعين على البنوك توعية الزبائن بخطورة الأمر وضرورة الحصول على المعرفة الصحيحة والكاملة قبل التعامل بهذا النوع من الاستثمارات ووجود نظام للتحكم بها.

وقد لاقى حديث الخبير المصرفي استحسانا واسعا من مئات المصرفيين الذين كانوا يستمعون لحديثه على هامش مؤتمر في المنامة قبل أيام.

وحذر يوسف من أن هذه العملات يمكن أن تستخدم كوسيلة لعمليات الاحتيال وغسيل الأموال والعمليات المالية المشبوهة، وذلك لبعدها عن الإطار الرقابي.

وأوضح “ لنفترض مثلا أننا فقدنا هذه الأموال خلال عملية التحويل المالي، في الوضع الطبيعي يمكن الذهاب إلى البنك أو المصرف المركزي للدولة، والذي سيقوم بدوره بالتحقيق في الشكاوي (...) لكن إذا ما تم كل ذلك إلكترونيا فلا يمكن يحدث الأمر نفسه ولن يكون هناك أحد قادر على تصحيح الخطأ”.

الى ذلك، عبر الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الإسلامي حسان جرار عن رأيه لـ “البلاد” بخصوص هذه العملة بالقول “ البتكوين هي نقود افتراضية، انا باعتقادي أنها ستستمر ولكن تحتاج إلى وقت لكي تتعود البنوك المركزية والمحاكم والجهات التشريعية عليها أصلا ويتأكدوا من صحتها”.

واستطرد “نحتاج لتشريعات تنظم الموضوع، أول ما بدأت موجة الدوت كوم في التسعينات وجدنا الكل يتهافت عليها، وأعتقد أن من استثمر في البداية في البتكوين حصل على عوائد من استثماراته، أما الآن الذي يدخل في “البتكوين” بعدما ارتفع سعرها لهذه الدرجة، ربما يتعرض لمخاطر”.

واضاف “عندما ينتشر مثل هذا النوع من الاستثمارات وتصبح معروفة، هذا يعني أن الخبراء قاموا بابتكارها وحصلوا على الفوائد منها وانتهى الموضوع”.

وأكد أن النظام المالي والمصرفي سيظل على حذر شديد بالتعامل مع مثل هذه العملات الافتراضية.

عملة متذبذبة وتنطوي على مخاطرة

أما الرئيس التنفيذي لشركة “بنفت”، وهي الشركة التي تربط شبكة الصراف الآلي في البحرين والخليج، عبدالواحد جناحي فأشار إلى أن هناك أفراد من البحرين والمنطقة يتعاملون بعملة “البتكوين” ولكن على نطاق شخصي. وبين أن المؤسسات المحلية بعيدة عن الانخراط عن الاستثمار في العملة الافتراضية قائلا “ أعرف أشخاصا يستثمرون في هذه العملات لكن لم أسمع مؤسسة قامت بذلك، الأمور لا زالت غير واضحة، خصوصا أن أسعارها متذبذبة بشدة”. وأكد جناحي أن الاستثمار في البتكوين ينطوي على نسب مخاطرة مرتفعة، لافتاً إلى أن الحذر هو الذي يسود حالياً.

وبخصوص ما إذا كانت شركة “بنفت” تعمل على توفير خدمات تتعلق بـ “البتكوين”، قال جناحي “ نحن نعمل على إعداد إستراتجية عمل لكن ليس منها عملة “البتكوين”.

أما المسؤول في شركة NextBlock Global الكندية والمتخصصة في تقنية “البلوكتشين” وهي الوسيلة التي تستخدمها “البتكوين” فيشير في رده على استفسارات “البلاد” إلى أن عملة “البتكوين” ليست العملة الافتراضية الوحيدة في العالم وأن هناك الكثير من العملات الافتراضية التي بدأت في الظهور حول العالم.

وقال الرئيس التنفيذي لـ NextBlock Global إليكس تابسوكت إن عملة “إثيريوم” بدأت تكتسب أهمية كبيرة على حساب “البتكوين”، رغم أن الأخيرة لازلت تسيطر على النسبة الأكبر من قيمة العملات الافتراضية الصادرة، كونها العملة الاولى من نوعها عالمياً.

ورغم الزخم الكبير الذي تكتسبه العملات الافتراضية خلال هذا العام، إلا أن إلكيس أشار إلى أن “البتكوين” عدد إصدارها مقيد، ولا يمكن أن تغطي حجم النقد أو السيولة والمعاملات التي تجري حول العالم.

وتضاعفت قيمة بتكوين أكثر من ثلاث مرات منذ بداية أكتوبر 2017 مما يضعها في مسار نحو تسجيل أفضل أداء فصلي منذ نهاية 2013 عندما قفزت فوق مستوى 1000 دولار للمرة الأولى.

وتكتسب عملة “البتكوين” قيمتها من زيادة صعوبة الحصول عليها، فمع عددها المحدود الذي يمكن استخراجه من نظام تشفير خاص وفق تقنية “البلوكتشين”، تتزايد صعوبة توليد هذه العملة عبر أجهزة الكمبيوتر شيئا فشيئا مما يرفع سعرها، ودخول هذه العملة للمضاربة في أسواق المال العالمية والصناديق الاستثمارية جعل سعرها يقفز بصورة كبيرة.