+A
A-

الحياة جميلة... ولكن!

المشكلة:

عزيزي الدكتور خالد.. أكتب إليك بعد تردد وتفكير طويلين، فأنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري، طالب في الجامعة وأحمل في أعماقي هما ثقيلا لا يفارقني ليلا ونهارا، بدأ معي منذ العام الماضي، عندما تعرفت على فتاة هي زميلة لأختي في المدرسة تبلغ 17 عاما.

في البداية حصل بيننا إعجاب متبادل ثم تطور إلى حب، وأصبحت أختي هي وسيلة الاتصال بيننا عندما أرغب في رؤيتها والحديث معها.

ودام الحال كذلك لعشرة أشهر حتى شعرت بأن عواطفي بدأت تتغير تجاه تلك الفتاة، وبأني لم أكن أحبها فعلا وبالتحديد عندما تعرفت على فتاة أخرى زميلة لي في الجامعة، وجدتها مختلفة كليا عن تلك الفتاة بمنطقها وتفكيرها، ووجدت نفسي منجذبا إليها كثيرا وشعرت أنني أحبها حتى تشجعت وصارحتها بشعوري، ولكنها اشترطت علي الارتباط بها رسميا وعندها كبرت في نظري أكثر. وقطعت علاقتي بالفعل بصديقة أختي، كما طلبت من أختي أن تقطع علاقتها بها أيضا؛ لأنني شعرت أن الفتاة سهلة ويمكن أن تقيم علاقة مع أي أحد، وبدأت في الوقت نفسه أشك في أختي بأنها من الممكن أن تكون مثل صديقتها، على الرغم من أن سلوكها لا يدعو إلى الشك أو الريبة، ولكن الشك لا يفارقني حتى أن علاقتنا ساءت كثيرا وأصبحنا دوما في شجار، أرجو أن أجد لديك الحل وبسرعة؟

 

المعذب أ.ي


 

الحل:

عزيزي المعذب (أ.ي).. إن مشكلتك تتضمن 3 موضوعات متواصلة ومترابطة ببعضها البعض وهي كالتالي: أولا تعرفك وارتباطك بصديقة أختك، ثانيا أختك كوسيلة اتصال (الواسطة) أو حلقة الوصل، ثالثا إعجابك بزميلتك في الجامعة وشعورك بأنك تحبها!

لنبدأ بصديقة أختك أولا، بودي أن أطرح عليك سؤالا عاما بخصوص هذه الفتاة، كيف تحكم عليها بأنها فتاة سهلة من الممكن أن تقيم علاقة مع أي أحد؟ هل لأنها بادلتك المشاعر العاطفية أو أعجبت بك هي أيضا وأحببتك مثلما أحببتها في بداية الأمر؟! لا يا عزيزي ليس من العدل أن تحكم على فتاة في هذا السن وزميلة أختك في المدرسة أي ما زالت طالبة في المدرسة وأنت طالب في الجامعة وبمجرد علاقة عابرة كان هناك استلطاف من الطرفين، ولا شك أنك كنت مستمتعا بهذه العلاقة وحققت ذاتك في حينها وأشبعت غرورك الرجولي وكنت في غاية الاطمئنان بأنك شاب مقبول ومطلوب من الجنس الآخر ولا شعوريا تعاليت وتكبرت عليها مع وجود الفوارق العمرية والدراسية بينكما ولم تنتبه لهذه الأمور في البداية؛ لأنك كنت شغوفا بذلك الإعجاب وودت أن تمنح نفسك تجربة لن تكون فيها فيها الخاسر بقدر ما سيكون الطرف الآخر هو الخاسر؛ لأنك أنت الشاب الذي يقرر مصير هذه العلاقة العاطفية، فلأنك أنت الربان لمسيرة هذه السفينة فأينما كانت وجهتك ومتى كان التوقف عن الرحلة وتقرر مصيرها متى شئت ولا تهمك نتيجتها؛ لأنك صاحب القرار الأول والأخير في استمرار هذه العلاقة وإنهائها..  ولكن ماذا عن الطرف الآخر؟ هل فكرت في تحملها تلك النتائج التي ستترتب عليها من إنهاء هذه العلاقة وفك الارتباط بمجرد أنها بادلتك الحب واستسلمت لك وقابلتك بمنتهى العشوائية والعفوية وبنوايا صادقة وهي فتاة ما زالت تنقصها الخبرة والمعلومات عن مدى مصير هذه العلاقة سواء بالفشل أو النجاح؟!  هكذا أنتم أيها الشباب تقدمون على مثل هذه العلاقة وتبتعدون عنها والعكس صحيح! ناهيك عن أمور أخرى لم تضعوها في الاعتبار مثل الارتباط الفعلي والجاد وفكرة الزواج وتكوين الأسرة وخلاف ذلك من الأمور المتعلقة بالارتباط والتوافق في هذه المرحلة العمرية. لن أطيل عليك في الموضوع الأول، ولكن على أي حال تقبل مني هذا اللوم والعتاب مهما كان قاسيا عليك خصوصا أن العلاقة انتهت الآن وتحولت إلى فتاة أخرى قد تكون أكثر توافقا معك. أما الموضوع الثاني فهو أختك التي تكرمت في أن تكون وسيلة للاتصال بينك وبين زميلتها. ألا ترى أنك أخطأت في حقها وعليك في النهاية بدءا بقطع علاقتك بتلك الفتاة، وطلبت من أختك أن تقطع علاقتها بها، ثم الأدهى والأمر أنك بدأت تشك في سلوك أختك وهذا شك لا يفارقك مما أدى إلى انهيار علاقتك بأختك وأصبحتما تتشاجران دائما دون مبرر.  هل فكرت في موقف أختك؟ التي كانت بمثابة واسطة خير لتجلب لك السعادة في بناء تلك السعادة التي انتهت الآن مع أنها إيجابية في نظرك حينها إلا أنها تغيرت فيما بعد عندما صرفت النظر عن تلك الفتاة الأولى، وهذه كانت غلطتك الثانية في وضع أختك في هذا الموقف ولم تدرك حينها مدى تأثير ذلك عليها نفسيا مع أن الأمر لا يستدعي بأن تحمل في أعماقك ثقل هذا الهم الذي أصبح لا يفارقك ليلا ونهارا، فأنصحك بألا تشغل نفسك كثيرا بهذا الأمر، فإن كانت تلك الفتاة سيئة الأخلاق كما ترى من وجهة نظرك فعليك أن تنصح أختك بشكل آخر وبأسلوب عقلاني ومنطقي وليس بأسلوب الأمر والنهي، كما أن الموضوع لا يخص تلك الفتاة بقدر ما يجب أن توجه أختك إلى الطريق الصحيح وبأسلوب أمثل مما أنت تتبعه معها الآن مثل الشجار والخصام لكي تزيل الشك والريبة عنها، خصوصا كما تدعي أن سلوكها لا يدعو إلى الشك والريبة، فعليك مراجعة نفسك وإعادة النظر في موضوع التعامل مع أختك لكي لا تخسرها بصورة فعلية، بل حاول أن تتقرب إليها كلما أمكن ذلك فهي بحاجة إليك أن تكون معها وليس ضدها. وأخيرا بالنسبة لزميلتك في الجامعة التي كبرت في نظرك أكثر عندما طلبت واشترطت أن يكون الارتباط بها رسميا.. فهذا يتوقف عل مدى تفاهمك معها في هذا الموضوع مع أني أرى أنها الأنسب لك من الأولى خصوصا أنكما متقاربان في المستوى الدراسي وقد يكون العمر أيضا، ولكن عليك بأن تفكر بصورة جدية في موضوع الارتباط الرسمي ووضع الاعتبارات اللازمة لحساباتك الحالية وظروفك المستقبلية ومدى إمكانات تحقيق ما ترسمان له الآن للمستقبل، وأتمنى أن تكون هذه العلاقة دافعا قويا لإنهاء دراستكما الجامعية وأن تسلكا معا طريق المستقبل وليبارك الله لكما خطاكما في طريق الخير والمحبة لبناء العلاقة الأسرية معا.