رغم أنه حدث عابر ومر بسلاسة ورضا من قبل جميع أطرافه، إلا أن بعض المعلقين والإعلاميين توقفوا عنده أكثر مما يستحق من الاهتمام وانقسموا حياله ما بين مرحب ومنتقد. الأكثر من ذلك أن البعض اتخذ من هذه الواقعة المتمثلة في صورة للقائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، مع امرأة سورية “ليا خيرالله” تم التقاطها بعد أن استجابت لطلبه بتغطية شعرها ليتحدث ويحذر هذا البعض من المصير المظلم الذي يتنظر سوريا في ظل هذه العقلية “المتشددة” التي ستتولى إدارة البلاد، والحكم من الآن بأن سوريا تتجه نحو الحكم الإسلامي وديكتاتورية جديدة.
ليس غريبًا أن تكون الصورة محلًّا لاهتمام بعض وسائل الإعلام الباحثة عن أي خبر، ولاسيما إذا كان يخص من يتولى حكم دولة كسوريا في مرحلة من السيولة والضبابية والقلق بشأن المستقبل، لكن لم يكن يتصوّر أن يتم التركيز عليها من قبل محللين وكتاب ومعلقين باعتبارها مؤشرًا لنظام الحكم القادم. فإذا كان هؤلاء يهمهم مستقبل سوريا بالفعل، فربما كان من الأولى أن ينشغلوا بالحديث عن كيفية إعمار البلد وإعادة اللحمة لمكوناته وأطيافه، ومد علاقات تعاونية مع أشقائه العرب ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد أمنه واستقراره وسلامة شعبه، لا أن يتفرعوا لقضايا ليس من الحكمة ولا من العقل إثارتها في هذا التوقيت الحرج من تاريخ سوريا ولا استنادًا لهذا الحدث العابر الذي لا يصلح كمرجعية للحكم على أساسه.
غفل هؤلاء عن إشادة المرأة نفسها بأسلوب الشرع اللطيف والأبوي في طلبه منها (بالإشارة فقط) بتغطية شعرها قبل التقاط الصورة ودفاعها عن حقه كقائد في أن يظهر بالطريقة التي يراها مناسبة.
وتناسى هؤلاء أيضًا أن الشرع لا يزال في بدايات التحول من الشخصية والعقلية “الجهادية” إلى الشخصية “الرئاسية والتوفيقية”، وأن هيئة تحرير الشام التي ينتمي إليها ألغت ما كانت قد فرضته من قواعد بشأن السلوك واللباس عندما سيطرت على محافظة إدلب في عام 2017، بعد أن قوبلت هذه القواعد بانتقادات مجتمعية.
كاتب بحريني