مساء ليلة الخميس، وبالتحديد على ساحل البديع، سمعت صُراخ امرأة تستنجد وتقول: “ولدي راح مني، ولدي شفيه ما يتحرك”، بدأت الجلبة، وتجمع كل من كان بالساحل حولها. الطفل ذو الثلاث سنوات – وبحسب رواية والديه - دخل البحر، وفجأة أصيب بتشنج وأخذ الزبد يخرج من فاهه! ولا يعرفان بالضبط ما الذي حدث له في الماء، أهي برودة الماء المفاجئة التي أربكته وأخافته، أم أن هناك حيوانًا بحريًّا لدغه؟ المهم، أنه وخلال طلب سيارة الإسعاف حاول الجميع إسعاف الطفل دون جدوى، فكل واحد ممن تجمع حولهم “يفتي” بطريقة إنعاشه، هذا يحمله على كتفه، وأخرى تقول ليستلقي على الأرض ليصل الرمل لجسمه فيفقد الكهرباء التي ربما أصيب بها جراء تعرض حيوان “الجيلي فيش” له، وتلك ترفع رجله، وأخرى تمنعها وتطلب رفع رأسه، والطفل لا يزال شبه غائب عن الوعي، إلى أن بدأ يبكي قليلًا، ليعود مرة أخرى لحالة فقدان الوعي الجزئي! وبين هذا وذاك كان السؤال المُر: أليس من بين كل تلك الجموع من تدرب على الإسعافات الأولية التي يمكن أن تنقذ هذا الطفل من خطر يحدق به، وأقساه احتمال فقدانه حياته؟
نعم، هناك دورات للإسعافات الأولية من عدة جهات بين الفينة والأخرى، لكن ما نحتاجه فعلًا أن نكون جميعًا ملمين بأساسيات الإسعافات الأولية التي قد نحتاجها يومًا لقريب، فنفقده لا سمح الله - لجهلنا ربما بحركة بسيطة تنقذ حياته، أو نتسبب من غير عمد وبحركة خاطئة في هلاكه، فالجهل أساس كل المصائب. على وزارة التربية والتعليم أن تبدأ في غرس هذه المهارات العملية في الأطفال في مراحلهم الدراسية الأولى، فكما قامت مشكورة بطرح مادتي التلاوة وريادة الأعمال لطلبة الابتدائي، نتمنى طرح مادة “الإسعافات الأولية” كمقرر مدرسي.
بالتعاون مع وزارة الصحة، من خلال التدريب العملي الذي نتمنى أن يُقدم من قبل مسعفين بالتوازي مع المادة النظرية، لنصيب بذلك الهدف بحجر واحد، نُدرّب الأطفال عليها منذ صغرهم، وندرب أمهاتهم عليها باعتبارهن من يقمن بتدريسهم في البيوت.
ياسمينة: الطفل حسين بخير لله الحمد.