كم عدد الطاقات الشبابية المُهدرة في مؤسسات المملكة المختلفة؟ لا شك أن العدد لا يستهان به! فمن المؤسف أن تعطل تلك الطاقات والقدرات، التي يمكن الاستفادة منها في تطوير العمل، ففي الوقت الذي يخرج فيه بعض الموظفين للتقاعد الاعتيادي منه أو الاختياري، هناك متقاعدون، لكنهم على رأس أعمالهم!
فإن تم تهميش الموظف، لأي سبب كان في العمل، فنحن هنا أمام متقاعد عن العمل! وإن تم توظيف شاب في غير تخصصه العلمي الذي قضى سنوات في دراسته في الجامعة، فنحن هنا أمام متقاعد جزئي، قد يفلح وقد لا يفلح في مهماته الوظيفية الموكلة إليه، والتي ربما لا تتناسب مع ميوله ولا مع اهتمامه، ولا تتوافق مع قدراته أصلا، فتهدر طاقة في غير محلها! وهناك من يتقاعد طواعية برفضه مهمات العمل الموكلة إليه، فتحال المهمات لموظف آخر، ليبقى ساعات عمله بين قيل وقال، ومن تطبيق لآخر على “السوشال ميديا”، فيتقمص دور المتقاعد على كرسي العمل! وعندما نقف أمام موظف يملك شهادات ومهارات وخبرة طويلة في العمل، وتوكل له مهمات وظيفية أقل بكثير مما يملك من إمكانات وظيفية، فهنا، نحن من نحيله على التقاعد، ونساهم في أن يتسلل شعور المتقاعد إليه! فمثله، وفي سويعات يمكن أن يؤدي ما عليه من مهمات يجدها بسيطة بحكم ما وصل إليه من خبرة، ليبقى بقية ساعات عمله متقاعدا! أولئك وغيرهم متقاعدون عندما لا يمارسون مهماتهم الوظيفية، بالشكل الذي يتناسب مع ما يملكون من مقومات وظيفية، ولكنهم بالوقت ذاته في حكم الموظف الذي يأتي يوميا لمقر عمله، وإن كان يقضي تلك الثماني ساعات في اللا شيء.
لابد من جهات العمل تلك، أن تسعى لأن تستثمر في كل موظف بما يمتلكه من مقومات، وتستخرج منه أفضل ما يملك لتطوير العمل، ولتطوير قدراته التي هي بلا شك ثروة، قد لا يُقدرها البعض، ولا يعرفون حقا قيمتها؛ فتهمل، فيخسر الموظف، ويخسر العمل، وتخسره المملكة.
ياسمينة: هدر رأس المال البشري لا يقل عن هدر الأموال.