الطلاق حرب، وكسب حضانة الأطفال حرب، ودفع النفقة حرب، ورؤية الأبناء حرب أخرى. والأطفال كالعشب هنا يُدهسون تحت الأقدام في كل معركة من تلك المعارك التي تأخذ من نفسياتهم وأعمارهم الكثير؛ فتُدمر شخصياتهم بأيدي أقرب الناس إليهم أمهاتهم وآبائهم! تلك الحروب جميعها، يتجرد فيها الطرفان - أو أحدهما - من المبادئ والقيم، فتجد الكذب، والتلفيق، أمراً مباحاً في سبيل كسب الأطفال إلى معسكرهم، ومحظوظ من كان أطفاله في سن لا يعون ما يجري حولهم، ليتم حشو أدمغتهم، وشحنهم نفسياً ضد الطرف البعيد عنهم!
أب، حُرم من طفله الذي وقعت الخلافات بينه وبين أمه منذ الساعات الأولى من ولادته، فتطلقا بعدها! الأم، ترفض أن يرى والده رغم كسبه الحضانة، وإن تم اللقاء بينه وبين ابنه فهو لساعات معدودات وليومين في الأسبوع. كبر الطفل اليوم وهو في سني المراهقة الأولى، تم إقناعه أن والده لا يريده، وأنه تزوج وله من الأبناء غيره، رغم أن والدته هي الأخرى وجدت شريك حياة آخر وتزوجت وأنجبت، ليبقى هذا الطفل خلال سنوات عمره (13)، في بيت جدته بين خاله وخالته، لا هو مع والده الذي يتمنى رؤيته فيُمنع، ولا هو مع والدته التي فضلت أن يعيش مع والدتها في بيت والدها، لتعيش حياتها مع أسرتها الجديدة!
السؤال، ما الذي يجنيه الزوجان المطلقان من حرمان أحدهما من رؤية أبنائهما؟ وما الهدف من تشويه صورة طرف منهما عند الابن؟ ففي النهاية هو والده وهي والدته، ويألم الطفل أن يسمع أن أحد أبويه ليس سوياً، أو بأخلاق سيئة، فبالتالي هو سيقارن حياته بحياة أقرانه، وسيقارن نماذج الآباء في الأسر السعيدة وحياته، التي مهما حاول الأقرباء أن يجعلوها جنة لتعويضه، ستكون ناقصة في عينه، وحتماً ستمتلئ مخدته ليلاً بالدموع، ولن يسمع أحدهم صرخة قلبه.
من يقرر الانفصال - وهو حلال - فلينفصل، ولكن الحرام أن تظلم أبناءك، وأن يُحرم أحد الأبوين من فلذة كبده، أو يُحرم الإخوة – غير الأشقاء - من رؤية إخوتهم.
ياسمينة:
كل الحروب لها قواعد أخلاقية.
* كاتبة بحرينية