ليس اكتشافًا جديدًا، بل حقيقة واقعة منذ سنوات عديدة تؤكدها الصراعات والأزمات المشتعلة في كل مكان من العالم، ودور الدول الفاعلة في إذكاء هذه الصراعات أو على الأقل تجاهلها وعدم التحرك بجدية لحلها، وعجز المؤسسات الدولية المعنية ببسط الشرعية وإرساء الأمن والسلم عن القيام بدورها وأداء مهمتها إما لاختلالات هيكلية فيها تكبلها، أو لما هو مفروض عليها من ضغوط.
رغم ذلك تتعدد زوايا النظر إلى طبيعة الخطر الذي يتعرض له النظام الدولي وأسبابه، ما بين من يركز على ضعف الأمم المتحدة والتمثيل الدولي غير العادل وغير المواكب لعقود من الزمن بمجلس الأمن الدولي، ومن يرى أن طبيعة النظام الدولي نفسه الانسيابية وغير الواضحة (من حيث قطبية أحادية أو ثنائية أو تعددية) حتى الآن هي الأخطر، حيث تتسابق كثير من الدول وتتصارع لحجز موقع مهيمن في هذا النظام قيد التشكيل، ومن يؤكد أن ممارسات وسلوكيات بعض الدول وعدم احترامها القوانين والأعراف الدولية محتمية بما تملكه من قوى رادعة أو بما لها من تحالفات وثيقة مع دول كبرى تحول دون تعرضها لعقاب أو أذى.
على سبيل المثال، وصف رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية ريتشارد مور، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بيل بيرنز في مقال مشترك بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية مؤخرًا عالم اليوم بالمضطرب، مؤكدين أن النظام العالمي “المتنازع عليه” في خطر غير مسبوق منذ الحرب الباردة، مشيرين في هذا السياق إلى روسيا الاتحادية (بحربها ضد أوكرانيا)، والصين (كتحدي جيوسياسي واستخباراتي رئيسي)، وتنظيم الدولة الإسلامية، مشددين على أهمية التغير التكنولوجي، مستشهدين بالحرب الروسية الأوكرانية كأول حرب من نوعها تجمع بين البرمجيات مفتوحة المصدر وتكنولوجيا ساحة المعركة المتطورة، والحرب السيبرانية وغير ذلك، قائلين “إن هذا الصراع أثبت أن التكنولوجيا إذا استُخدمت جنباً إلى جنب مع الشجاعة غير العادية والأسلحة التقليدية، من شأنها أن تغير مسار الحرب”.
كاتب بحريني