رغم ما قد يبدو للبعض بأن الحديث عن عدالة مناخية من قبيل الترف ومن الموضوعات التي يمكن تأجيلها في ظل الأحداث الملتهبة والأزمات المشتعلة في معظم جنبات عالمنا، إلا أن حقيقة الأمر غير ذلك، إذ إن هذا المفهوم يرتبط أيضًا بحياة البشر وغيابه يحصد الآلاف من الأرواح، لذا رأينا تحذير الأمين العام للأمم المتحدة في أعقاب الأيام الثلاثة (21 و22 و23 يوليو 2024) التي شهدت أعلى حرارة تم تسجيلها في العالم، من أن الحرارة الشديدة تزيد أوجه عدم المساواة وتقوض أهداف التنمية المستدامة وتقتل الناس.
من التقديرات التي تؤكد خطورة القضية وإلحاحها، ما تؤكده الأمم المتحدة بأن الارتفاعات الحارقة في درجات الحرارة (والتي يلمسها الجميع ويعانون منها) يتسبب في مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص سنويًا، معظمهم بكل تأكيد من ذوي الدخل المنخفض الذين لا تتوفر لديهم إمكانيات التكيف مع قسوة المناخ كما هو حال الأغنياء القادرين على العيش في بيئات مكيفة حيثما وجدوا. من الأرقام المهمة أيضًا، ما تشير إليه دراسة حديثة أجرتها جامعة ستانفورد بأن فجوة الثروة بين أغنى وأفقر دول العالم آخذة في الاتساع 25 % أكبر مما كان سيكون عليه بدون تغير المناخ. الخلل الأساسي فيما يتعلق بالمناخ هو أن من يتسبب في تغيره وتأزيمه وتطرفه هو من يستفيد ويكون ذلك على حساب آخرين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه القضية، وربما لا يدرون بها لكنهم يعانون ويلاتها ويدفعون الجزء الأكبر من ثمنها، فوفقًا للمعنيين، فإن ظروف المعيشة في 90 % من الدول حول العالم باتت أسوأ، بينما تضاعفت أرباح شركات النفط العالمية الكبرى التي تعد من أكبر المساهمين في أزمة المناخ العالمية لتصل إلى 219 مليار دولار أميركي في عام 2022. ولهذا وجهت العديد من المنظمات المعنية بالمناخ نداء في أغسطس 2024 إلى صناع القرار حول العالم محذرين فيه من أن “الفقراء والعاملين في الهواء الطلق يموتون في جميع أنحاء العالم”، ولكن هل يجد ذلك أذنًا صاغية؟!.
* كاتب بحريني