انتهى سباق الرئاسة الإيرانية بانتخاب ما يوصف بـ “الإصلاحي” مسعود بيزشكيان - وهو طبيب جراح يبلغ من العمر 69 عامًا - رئيساً لإيران بعد منافسة ضد مع ما يوصف بالمحافظ المتشدّد سعيد جليلي، بعد أن حصد أكثر من 16 مليون صوت (53,6 بالمئة) من أصل 30 مليوناً. “الانفتاح” كان العنوان الأبرز للحملة الانتخابية لبيزشكيان، حيث دعا إلى علاقات بناءة مع واشنطن والدول الأوروبية بغية إخراج إيران من عزلتها، متعهدًا بمحاولة إحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 بشأن النووي الإيراني وهو الاتفاق المتجمد والمنهار منذ الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة الأميركية عام 2018، وكان يفرض قيوداً على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف للعقوبات، على أساس أن هذا النهج الانفتاحي سيضخ بالنهاية في الاقتصاد الإيراني في شكل استثمارات أجنبية وفق رؤية بيزشكيان الذي تعهد داخليا بمزيد من الديمقراطية والحريات ومزيد من الاهتمام لحقوق النساء والأقليات، فكان جاذبًا لأصوات الناخبين الذين رأوه حاملاً ومبشرًا بتغيرات كبيرة في السياسة الداخلية والخارجية.
لكن السؤال الأهم هو هل الرئيس الجديد سيكون قادرًا على تنفيذ وعوده وتحقيق تطلعات غالبية الشعب الإيراني في سياسة خارجية منفتحة وسياسة داخلية ديمقراطية حرة؟ معروف أن صلاحيات الرئيس في إيران ولاسيما على الصعيدين السياسي والأمني محدودة، وليس له هامش وضع تحركات وتحديد خطوط السياسة الخارجية، بل هو معني بالأساس بتنفيذ ما يضعه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهو المسؤول الأعلى صاحب الصلاحيات الأوسع في إيران، كما أن الرئيس الإيراني لا قبضة له على المؤسسات الأمنية كالشرطة والجيش والحرس الثوري، فهي تحت إمرة المرشد الأعلى. هذا لا يعني استبعاد حدوث أية تغيرات على السياسة الإيرانية الداخلية والخارجية، بل ستكون هناك تغييرات بالتأكيد نابعة من إرادة وعزم الرئيس الجديد على إثبات ذاته وتنفيذ رؤيته وتحقيق وعوده، لكنها بالنهاية لن تكون تغيرات كبيرة أو ثورية، إنما في حدود ما يسمح به النظام الإيراني وتحديدًا المرشد الأعلى ومؤسسات الدولة “المحافظة”.
*كاتب بحريني