اجتمعت وفود 91 دولة في منتجع بورغنستوك السويسري يومي 15 و16 من شهر يونيو الجاري، في قمة "غابت عنها روسيا"، خصصت لمناقشة مقترحات كييف لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وكان لافتًا بشدة أمر مشاركة عدة دول عربية أبرزها مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ما يؤكد مكانة هذه الدول وما تحظى به من قوة في قرارها وتأثير في تحركاتها وفعالية في جهودها ودبلوماسيتها ونجاح في علاقاتها مع دول وتجمعات المجتمع الدولي.
رغم أن البيان الختامي الصادر عن المؤتمر حظي بدعم 80 دولة، إلا أن جميع الدول العربية المشاركة اتفقت على عدم التوقيع على هذا البيان، لا سيما أنه حاول تحميل روسيا مسؤولية الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، وأنها لا تزال تسبب "معاناة إنسانية واسعة النطاق". يمثل هذا الموقف استمرارًا لحياد مملكة البحرين وهذه الدول العربية من الأزمة الأوكرانية، وهو الحياد الذي اتخذته منذ بداية الأزمة حتى الآن، وسمح لها بلعب دور مهم في أمور كثيرة تتعلق بمجريات الحرب الروسية الأوكرانية مثل تبادل إطلاق سراح الأسرى، وحشد الجهود الإقليمية والدولية للتوصل لحلول سلمية للأزمة ومعالجة آثارها وتبعاتها على جميع دول العالم. كما يعكس هذا الموقف وهذا الحرص على الحياد من أزمة كبرى وعدم الاصطفاف إلى أي معكسر، تمسك هذه الدول بقرارها الذي يخدم مصالحها بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، ورغبتها في استمرار علاقاتها وتعاونها مع جميع دول العالم بما يعزز ثقلها الدبلوماسي ويتيح لها مواصلة ما تقوم به من جهود في الوساطة في كثير من بقاع التوتر والصراع في مختلف أنحاء العالم. في أزمة عالمية كالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وما لها من استقطابات وتداعيات على العالم بأسره، لا يمكن لمؤتمر مهما كانت أطرافه والمشاركون فيه أن يضعوا أجندة للحل ورؤية للسلام الحقيقي بعيدًا عن مشاركة طرفي الصراع والتوفيق بين مطالبهما والخروج بتسوية مرضية منهما معًا.
*كاتب بحريني