نتابع بين فترة وأخرى وفي أكثر من دولة عربية انحرافا من بعض المدارس الأجنبية المنتشرة وخروجا عن القيم والثقافة والتقاليد التي تعمل في سياقها ويفترض فيها وفي مناهجها أنها تعمل على غرسها وتعميقها في نفوس وسلوكيات المنتسبين إليها من المتعلمين والمعلمين.
من أخطر القضايا ما أثير في دولة عربية مؤخرًا، بقيام إحدى المدارس الأجنبية الخاصة بتدريس مواد عن العلاقات الجنسية بين المثليين والمتحولين جنسيا للصف السادس الابتدائي بالمخالفة للأعراف والتقاليد المجتمعية، ما أدى إلى فزعة بدأت من أولياء الأمور وامتدت للسلطة التشريعية وتفاعلت معها السلطة التنفيذية ورفعت إلى السلطة القضائية، ما يعكس خطورة القضية وأهميتها ولاسيما أنها تتعلق بمدرسة ابتدائية، أي أنها تقوم بتأسيس وعي وتشكيل عقل الطفل على ما يتعارض مع تعاليم الدين ويتناقض مع الثقافة والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية عمومًا، حيث تقوم بتدريس بعض المقررات الدراسية التي تشجع صراحة وبوضوح المثلية الجنسية وتدعو إلى التسامح مع أصحابها. الأخطر في هذه القضية ما نقل عن خبيرة تربوية وموجهة سابقة بوزارة التربية والتعليم من أنه ليست هناك سلطة من الوزارة على المواد التي تدرسها مثل هذه المدارس الأجنبية على أرضها، وأن هذه المناهج ستبقى دون حذف لأنها تتفق مع نظام التعليم السائد في هذه الدول الأجنبية وليس الدول العربية التي تعمل فيها، ومعنى ذلك أن مثل هذه المدارس الأجنبية تضع ما تراه من مناهج ومقررات تتفق مع ثقافتها. صدمت من الجرأة الشديدة للكتاب المدرسي في حثه على الشذوذ وترويجه ممارسات خارجة عن ديننا وتقاليدنا ومحاولته غرسها في عقول التلاميذ وكأنها أمور طبيعية يمر بها كل مراهق، ولا يتسع ولا يتناسب المقام لذكر ما جاء فيه. الأمر بحاجة لمراجعة القوانين الحاكمة والأنظمة المنظمة للعلاقة بين وزارات التربية والتعليم وهذه المدارس الأجنبية بحيث تكون القبضة والقوة للوزارة وتمكنها من أداء دورها في الحفاظ على عقول النشء من كل ما يدمر ثقافتهم ويطمس هويتهم.
* كاتب بحريني