العدد 5715
الجمعة 07 يونيو 2024
banner
مجاعة غزة.. كارثة من صنع البشر (1)
الجمعة 07 يونيو 2024

تتواصل الحرب الإسرائيلية الشرسة ضد قطاع غزة في ظل مفارقات شتى وتناقضات ضخمة قد لا يستوعبها عقل بشري وتصيب بالحيرة والدهشة وتستحق الدراسة والتأمل، ومراجعة النظريات والمدارس العسكرية والاستراتيجية، وإعادة النظر في قواعد العلاقات الدولية والمؤسسات الناظمة للمجتمع الدولي والمعايير والقيم الإنسانية الأخلاقية. فاستراتيجيًا وعسكريًا ورغم استمرار الحرب لنحو ثمانية شهور دون هوادة وبكل عنف وعتاد إسرائيلي، ورغم التباين الشاسع في القدرات والإمكانيات ما بين طرفي القتال للدرجة التي يحكم أي مراقب أو مختص على مثل هذا الحرب من قبل بدايتها بأنها نزهة لإسرائيل في جنبات غزة، فإذا بالجميع يشهد صمودًا وبسالة ومقاومة غير تقليدية من قبل حماس وخسائر غير متوقعة في صفوف إسرائيل وفشلا استخباراتيا وعسكريا وفكريا إسرائيليا وعجزا عن تحقيق الأهداف الرئيسية من شن هذه الحرب ولاسيما تحرير الأسرى (لا يزال هناك أكثر من 100 من الرهائن الإسرائيليين لدى حماس منذ هجوم السابع من أكتوبر) والقضاء على حماس.
فوفق تقييم استخباراتي أميركي (وليس فلسطيني أو عربي) في أواخر شهر مايو الماضي 2024، فإن إسرائيل لم تتمكن من القضاء إلا على حوالي 30 % - 35 % من مقاتلي حماس منذ 7 أكتوبر 2023، بل وتمكنت حماس من تجنيد آلاف المقاتلين الجدد وقادرة على تجنيد المزيد إذا ما استمرت في صمودها، وأن 65 % من أنفاق حماس لا تزال نشطة، وأن هذه النتائج المخيبة هي التي دفعت الإدارة الأميركية لانتقاد الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة بعد أن كانت تتم في السر. من مظاهر الفشل أيضًا ما نتابعه بين فترة وأخرى من عودة للجيش الإسرائيلي إلى مناطق كان قد انسحب منها بعد السيطرة عليها والإعلان عن هزيمة حماس فيها، لكنه يفاجأ بعودة ووجود مقاتلي حماس بها ما يجبره على معاودة القتال مرة أخرى، وهو ما يؤكد أن إسرائيل بعيدة عن تحقيق هدفها بالقضاء على حماس لكنها نجحت نجاحًا غير مشرف بإيقاع خسائر مروعة في أرواح المدنيين الأبرياء.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية