العدد 5700
الخميس 23 مايو 2024
banner
المتوازي مع الثورة الصناعية الرابعة
الخميس 23 مايو 2024

بدأت بالفعل حفلات التخريج لطلبة الثانوية العامة في المدارس الخاصة، وستليها حفلات مشابهة – ربما أقل منها بذخا – للمدارس العامة، ابتداء من الثانوية، وصولا إلى الحضانة، لكن ما يهمنا في هذا السياق هو الوقفة المفصلية لطالب الثانوية، وهو عند مفترق الطرق هذا.
لا شك أن الكثير من الترويج للتخصصات يذهب إلى الجانب التكنولوجي اليوم بوصفه المستقبل الزاهر والباهر للطلبة، وأن البرمجة والأمن الرقمي والثورة الصناعية الرابعة، بما فيها من ذكاء اصطناعي، سلاسل مترابطة، وبيانات ضخمة، وطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها من المظاهر، هي المتسيدة للموقف، وهي المطلوبة بكثافة شديدة لمن أراد أن يضمن له موقعاً في المستقبل. وهذا أمر صحيح إلى درجة كبيرة، وهو ما نراه من تطبيقات متعددة ولاهثة لا تدعنا نلتقط الأنفاس، وصارت المهاوي متعددة بين الأعمار وإن تقاربت تكنولوجياً، فحتى الفارق الذي يصل إلى خمس سنوات أصبح يقال عنه “جيلاً”، ولكن السؤال: هل جميعنا مهيؤون لأن نكون تكنولوجيين بهذا المعنى؟ هل معنى هذا أنه سيظل التعبير العربي الرائج “تخصصات القمة” مستمراً ولكن متغيراً من الطب والهندسة إلى تقنية المعلومات في الأساس؟ وإذا كانت هذه تخصصات القمة، هل يعني هذا أن باقي التخصصات هي تخصصات القاع؟ إن حديثا كالذي تقدم من شأنه أن يبعث اليأس والقنوط في أنفس الطلبة الخريجين حديثاً، أو الطلبة الجامعيين الذين يسابقون الزمن حتى ينالوا فرصتهم في سوق العمل، إما موظفين أو رياديي أعمال. بيد أن القصد من وراء هذا الطرح أن يعيد المجتمع (بأفراده ومؤسساته وإعلامه) نظرته للوظائف التي يحتاج إليها، والنظر بجدية كبيرة إلى المتغيرات الاجتماعية والنفسية التي تحدث جراء دخول التكنولوجيا، حتى في أخصّ خصوصيات حياتنا، وانعكاسات ذلك على العلاقات الاجتماعية، وإجراء الأبحاث والدراسات الراصدة للمتغيرات الاجتماعية التي قد تقود المجتمع – في غفلة منه – إلى طرق تودي به إلى المهالك. فكما أننا اليوم بحاجة ماسة للمبرمجين والمشتغلين على الأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية، وجميع مظاهر الثورة الصناعية الرابعة؛ فإننا – في المقابل – سنحتاج من يدق الأجراس عند المتغيرات الاجتماعية المفصلية لتجري معالجتها قبل أن تتوغل في طرق صعبة العودة منها.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .