في مطلع عشرينيات الشهر الفائت بثت وكالات الأنباء خبراً عن تقديم رجلين للمحاكمة في إيطاليا على خلفية دعوى رفعتها رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني؛ لقيامهما بتشويه سمعتها الأخلاقية من خلال نشر صور إباحية لها مزيفة على الإنترنت عام 2020، أي قبل توليها منصبها، وقد تمكنت الشرطة من تحديد هوية الفاعلين (رجل وابنه)، وبغض النظر عن انتمائها السياسي فإنها بلا شك تحلت بالجرأة والشجاعة في رفع دعوى على الرجلين أمام القضاء في قضية حساسة لا يجرؤ معظم نساء العالم على رفعها أمام القضاء، وبضمنهن حتى كثرة من النساء في الغرب. ولما كانت أداة التشويه التي تعرضت لها ميلوني تمت عن طريق ما يُعرف بـ "تقنية الذكاء الاصطناعي" فإن الحدث يكتسب مغزاه ودلالاته المهمة بمقارنته بالحال الأخطر لدينا في أقطارنا العربية، وهي من أكثر البلدان التي تتعرض فيها النساء لابتزاز مجرمي "السوشال ميديا" بتصويرهن في مشاهد إباحية مفبركة متقنة، وهنا فإن الفتاة المستهدفة إما تحجم عن إبلاغ السلطات الأمنية المختصة لتحصين سمعة شرفها وعائلتها، وتتحمل وعائلتها بأن تنطلي تلك المقاطع على عامة الناس، هذا إذا ما ضمنت وقوف ذويها معها بكل قوة لثقتهم القاطعة في شرفها، أو أن تستجيب وأهلها لابتزاز المجرمين المالي، أما أسوأ الحالات مأساوية فهي تلك التي تلجأ فيها الفتيات البريئات إلى الانتحار على نحو ما تابعنا ونتابع أخبارهن الفاجعة في بعض أقطارنا العربية.
والحال أن توظيف تقنية "الذكاء الاصطناعي" لارتكاب هذه الأعمال الشريرة المتجردة من كل إنسانية بات يتطلب اليوم من المجتمع الدولي تعاوناً جديا حول سُبل مواجهتها والحد منها من خلال مراقبة المجرمين وصولاً لردعهم قضائياً بأشد العقوبات التي يستحقونها. 
وهذا يتطلب في المقام الأول قيام الجهات المعنية والإعلامية - بالتعاون الفعّال المشترك على الصعيدين الرسمي والشعبي - بحملات توعية في صفوف النساء وذويهن لتشجيعهم على التصدي قضائياً بكل شجاعة وحزم ضد مرتكبي مثل تلك الأفعال الإجرامية الفاحشة بحق النساء مستغلين ضعفهن ووجلهن من الإساءة لشرفهن، وبدون هذا التصدي الحازم ستظل النساء البريئات اللائي لا حول لهن ولا قوة عرضة لمثل تلك الأفعال الخسيسة إلى أمد غير معلوم، بكل ما يترتب عليها من مآس بحقهن. وهنا يأتي أيضاً دور المنظمات والاتحادات النسائية بأن يضعن هذه القضية الخطيرة الشائكة على رأس أولويات نضالهن النسائي.

كاتب بحريني