+A
A-

تدفقات مالية خليجية توقف نزيف الاقتصاد المصري... وماذا بعد؟

جاءت تدفقات مالية خليجية ضخمة لتنتشل مصر من حافة الهاوية لأعنف أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود. وأعقب تلك التدفقات اكتمال المفاوضات المعلقة مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض ضاعفه الصندوق ليصل إلى 9.2 مليار دولار من صندوق النقد وصندوق البيئة، ثم قدم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي قروضا تقدر بنحو 12 مليار دولار لتشجيع الاستثمارات التي من شأنها وقف الهجرة غير الشرعية من مصر لأوروبا.

وحتى كتابة هذه السطور، بلغ صافي مشتريات العرب والأجانب في أذون الخزانة نحو 1.8 مليار دولار، ما يعتبره محللون أموالا ساخنة، يمكن أن تطير في لحظة حينما تجد عوائد أعلى في بلاد أخرى، كما حث عام 2022 بخروج نحو عشرين مليار دولار من السوق، لتسبب أزمة حادة في النقد الأجنبي.

ولا تزال الأوساط الاقتصادية تتداول سؤال يتعلق بكيفية إدارة الحكومة لكل تلك التدفقات النقدية التي تخطت الخمسين مليار دولار، وتحصلها مصر على دفعات على مدى 3 سنوات على الأقل، معتبرين أن "مصر لم تخرج من أزمتها الاقتصادية، بل تم تأجيل انفجار الأزمة الاقتصادية" بتعبير رئيس مجلس إدارة "القابضة للصناعات المعدنية" السابق، مدحت نافع، مضيفاً أنه جرى بشكل مؤقت حل أزمة سيولة قصيرة المدى، لكن لا تزال هناك مخاطر مالية عالية.


وتابع نافع: ما زال هناك عجز في الموازنة العامة، وما زالت هناك احتياجات تمويلية كبيرة، مؤكدا أنه يجب اغتنام هذه الفرصة لمعالجة الأزمات الهيكلية، مع ضرورة التخارج من بعض الأنشطة الاقتصادية التي يُزاحم فيها القطاع الخاص، على أن يكون التخارج تدريجيًا ومدروسًا، مع اقتصار مشاركة الحكومة في الاقتصاد على بعض المشروعات الاستراتيجية.

وطالب نافع بضرورة دعم الدولة للقطاعات الإنتاجية، مع ضرورة إعادة هيكلة الدين الخارجي باتفاقات منجزة.

وحول كيفية استعادة مستويات الجاذبية للاستثمار شدد على ضرورة رفع أسعار الفائدة بشكل مؤقت، مع استهداف معدل تضخم واقعي، والتركيز على تخفيض تكلفة رؤوس الأموال في المستقبل، وضرورة معالجة الملفات الخارجية.

وشدد على ضرورة المشاركة في تأمين مضيق باب المندب، مع السعي لحسم النزاع في غزة.

أما المشروعات الجديدة المطروحة للبيع، ومنها رأس جميلة التي يتردد أن هناك مفاوضات بِشأنها مع الجانب السعودي، يؤكد نافع على ضرورة التخطيط لتلك الطروحات والمشروعات، حيث يجب الترويج لبيع بعض المشروعات دون بيعها بخسا مع ضرورة تأجيل توسعات بعض المشروعات من غير ذات العوائد الاستثمارية، والتخطيط لدخول القطاع الخاص في بعض المشروعات.

ووصف رئيس اتحاد بنوك مصر سابقا، هشام عز العرب، التدفقات بأنها بداية لطريق طويل من الإصلاح، مؤكدا أنه لا أحد يمكنه إخراج فيل ضخم من حفرة ضيقة بخطوة واحدة، لافتا إلى أنه بعد أسبوعين من تحرير سعر صرف الجنيه، يمكن القول إن البلاد على الطريق السليم، شرط استمرار توافر السيولة بيعا أو شراء، بغض النظر عن صعود أو هبوط سعر الصرف وفق للعرض والطلب؛ لأن ذلك ليس هدفا في حد ذاته.

واعتبر عز العرب أن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن سعر الدولار العادل مقابل الجنيه، مؤكداً أن مصر بدأت الخطوات الأولى لطريق الإصلاح بنجاح، ولكنه مازال في بدايته.

وأكد أن أول مقياس للنجاح تحقق بتوفير السيولة الدولارية في مساراتها الشرعية، والقضاء على سعر الصرف الموازي بالسوق الموازية.
وتابع: "يبقى الهدف الأسمى لاستقرار حياة الدول والشعوب، هو استهداف التضخم، الأمر الذي سينجح في الأساس من خلال السيطرة على الاقتراض والعجز الكلي للموازنة العامة".

واعتبر عزب العرب، وهو أيضا مستشار سابق لرئيس البنك المركزي، أن الوقت الحالي هو وقت تسييل الأصول، وتخفيض الدين العام، وتصفية حساب السحب على المكشوف لدى المركزي.