العدد 5641
الإثنين 25 مارس 2024
banner
"ماذا تنتظرون يا عرب"
الإثنين 25 مارس 2024

من منّا لم يقف خجلا أمام النداءات التي يطلقها أطفال غزة، حيث كانت أقصى أمانيهم أن تلامس أسماع أشقائهم العرب، وبين آونة وأخرى يصدمنا هؤلاء الصغار بالعمر الكبار بمواقفهم الباسلة وكلماتهم الجارحة وشجاعتهم الاستثنائية، وكأنّهم يقولون لأبناء الأمة الجالسين على مقاعد المتفرجين أمام همجية إسرائيل ووحشيتها: ألم يئن الأوان لكم كي تتحركوا وتطاردوا الذئب الذي يتربص بكم؟ إنّ هذا الذئب لن يكتفي بغزة وحدها، بل سيرتد على الآخرين وسيأكلكم واحدا بعد الآخر. وكانت صرخة الطفل الفلسطينيّ (أنقذونا يا عرب) كاوية وجارحة وفي ذات الوقت جعلت الأمة برمتها أمام امتحان عسير بأنّ عليها أن تثبت صدق انتمائها وأصالتها، وأنّها ليست أمة الشعارات!

إنّ صورتنا كعرب لدى إسرائيل لا تختلف عن أبناء غزة، فحلم قادتها هو إقامة دويلتها التي تمتد من النيل إلى الفرات، وهذا الحلم قابع في ذاكرتهم. أمّا تصريحاتهم فإنّها تطلق في وجه الجميع ولا تستثني أحدا من أبناء الأمة، والمتأمل يجدها تطلق بلا مناسبة، وبالمقابل والمحزن في آن واحد أننا لا نجد مسؤولا عربيا واحدا يتصدى لها؟ إنّ نقطة الضوء الوحيدة ربما في تاريخنا المعاصر كانت ابان حرب أكتوبر عام 1973م، ففي تلك الحقبة النادرة من تاريخنا نقف على حقيقة بالغة الأهمية، فهذه الحرب صححت صورة الإنسان العربيّ وفتحت أمامنا الضوء الأخضر، والأهم أنها أعادت الإسرائيليّ إلى حجمه الطبيعيّ، فليس هو ذاك البطل الذي لا يقهر.. حطمت أسطورتها التي تتغنى بها على مدى سنوات بأنّ الإنسان العربيّ مات ولم يعد قادرا على النهوض من جديد. إنّ الخشية اليوم ليست فقط على أطفال غزة وحدهم، بل إنّ جميع الأطفال العرب مستهدفون وهذه حقيقة تؤكدها كل يوم الهمجية الإسرائيلية التي فاقت كل حدود التصور. وكم كان بودنا أن نكتب عن عالم الأطفال الفلسطينيين المملوء طهرا وبراءة وعن عبقريتهم وإبداعاتهم ومواهبهم في العلوم والآداب والفنون، لكن ماذا نفعل إذا كانت أقدارهم أن يعيشوا المأساة.

كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .