وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تُعرف اختصاراً في الإنجليزية بـ "الأونروا"، وقد أسست سنة 1949، أي بعد عام من النكبة، ومنذ مطلع الخمسينيات وهي تقدم خدمات أساسية لهؤلاء اللاجئين في مجالات التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والقروض الصغيرة، والإغاثات الطارئة وقت الحروب. وبذلك لعبت دوراً في منتهى الأهمية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني جراء جريمة اغتصاب وطنه وتشريده من قِبل إسرائيل، وقد أشاد بهذا الدور على تواضعه مثقفون وفنانون ونشطاء سياسيون فلسطينيون استفادوا وعائلاتهم من خدماتها منذ طفولتهم أو ولادتهم في أعقاب النكبة، وذلك حتى في ظل ما واجهته "الأونروا" من صعوبات مالية وتعقيدات سياسية جمة. لكن هذه الوكالة التي أخذت أزماتها المالية تتفاقم خلال العقدين الماضيين بصورة مريعة تحد من قدراتها على الإيفاء بالتزاماتها نحو اللاجئين - لاسيما في ظل نكبة غزة الحالية - أضحت اليوم شبه مشلولة بعد أن تمكنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من استهدافها وإطلاق عليها ما يشبه رصاصة الرحمة، وذلك إثر اتهامها لـ 12 موظفاً فلسطينيا من موظفيها بالمشاركة في هجوم "طوفان الأقصى"، وهو الاتهام الذي أعقبه على الفور إعلان 16 دولة غربية بصورة مريبة على رأسها الولايات المتحدة وقف تمويلها هذه الوكالة الأُممية المنكوبة أصلاً بالعجز المالي! ومؤخراً أعلن فيليب لازريني مدير "الأونروا" بعد تحقيق داخلي دقيق، بطلان ذلك الاتهام، مُحذراً من تفكيكها. وأكدت الوكالة أن إسرائيل قامت بتعذيب عدد من موظفيها الفلسطينيين لحملهم على الاعتراف بمشاركتهم في هجوم السابع من أكتوبر، وأنها - الأونروا - بصدد إعداد تقرير بذلك. فبماذا يا تُرى سترد تلك الدول التي لم تستح من سحب تمويلها لوكالة معنية بإغاثة عشرات الألوف من الأطفال والرضع والنساء والشيوخ جعلتهم سلطات الاحتلال في وضع بين الجحيم والموت؟ هل ستتراجع عن موقفها المخزي الذي يتنافى مع ما تتشدق به من تمسك بقيم ومبادئ حقوق الإنسان؟ ثم أين دولنا العربية من إغاثة هذه الوكالة مالياً من كارثتها الجديدة؟ حيث تؤكد الأرقام أن مساهمات الدول العربية المقتدرة جد متواضعة وفي ذيل الدول الممولة!.
كاتب بحريني