العدد 5620
الإثنين 04 مارس 2024
banner
مهمشون ومنسيون
الإثنين 04 مارس 2024

هل أصبحت قضية المتقاعدين مسألة هامشية؟ وهل بات المتقاعدون يكتمون أحزانهم في صمت؟ طرقوا كل الأبواب علّهم يجدون من يسمعهم ويعالج مأساتهم، لكن لا أحد قلبه معهم، والذي يثير الاستغراب أنه رغم تجاهلهم وتهميشهم طوال سنوات، ورغم ما أصابهم من صدمات، فإنّ الأمل لا يزال يسكنهم ولا يزالون يتذرعون بالصبر في أنّ أحوالهم ستتحسن ذات يوم.
إنّني أتساءل ومثلي الكثير من المتقاعدين وغيرهم لماذا تعود الأغلبية من المتقاعدين للعمل مرة أخرى بعد التقاعد رغم ما فيه من مشقة ومكابدة؟ والإجابة لا تحتاج كبير عناء، فالأسباب جلية، إذ إنّهم غير قادرين على مواجهة موجات التضخم التي اكتسحت كل مناحي الحياة، وما يتقاضونه من رواتب لم يعد يؤمن لهم سبل العيش الكريم. قبيل سنوات كانت تتلبس المتقاعدين هواجس من اقتربوا من حياة ما بعد الوظيفة، وتتمثل في الخوف من المجهول، لكن مع مضي الوقت أصبحت المخاوف ماثلة أمامهم، وكان البعض يعيش القلق من الفراغ القاتل. قد يبرر البعض بأنّ العمل لا يتوقف من حياة الإنسان، بل يصبح ملازما له حتى آخر نفس من حياته، ونحن بالطبع لا ننفي صحة هذه الحقيقة، لكن الذي فات هؤلاء أنّ الكثيرين لم تعد لهم الطاقة كما كانت في عنفوان الشباب، وأن العودة للعمل بعد عقود في الوظيفة تشكل إجهادا لا تسعفهم صحتهم على تحمله. وما أشيع من مقترح تقدم به المجلس النيابيّ بشأن تخفيض رسوم الخدمات الحكومية للمتقاعدين يعد مصدرا للتفاؤل لهم دون شك، بيد أنّ الخشية أن يصطدم باعتراض من الشوريين والحكومة فيكون مصيره الفشل وتتلاشى كل بارقة أمل لديهم. ولعل ما يعزز هذه الفرضية أنه سبق أن تقدم المجلس النيابيّ في عام 2014م بمشروع قانون بمنح بطاقة تخفيض لا تقل عن 50 % للمتقاعدين على الرسوم الحكومية، حيث تشمل جميع المتقاعدين، لكن الحكومة تحفظت على المشروع وذهبت كل جهود النواب أدراج الرياح؟ ويبقى التأكيد بأنه على من بيدهم الأمر التعامل مع قضايا المتقاعدين بجدية أكبر، فالمتقاعدون أفنوا زهرة شبابهم ومساهماتهم ليست خافية في مسيرة التنمية والبناء.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية