العدد 5617
الجمعة 01 مارس 2024
banner
شركات “فنتك” والصعوبات القانونية (1 من 2)
الجمعة 01 مارس 2024

انتشر نشاط الثورة التقنية والتكنولوجية في كل المجالات اليومية، ومنها نجد نشاط التقنية المالية الذي يسمى جوازًا واختصارا “فنتك”. 
ونشاط “فنتك” بالرغم من حداثته، إلا أنه غير ملامح التعاملات المالية لحد كبير ومؤثر، ونلحظ هذا بوضوح تام في نشاط شركات التقنية المالية ونشاط البنوك الإلكترونية التقنية. 
وبفضل نشاط التقنية المالية (فنتك) تتم التحويلات المالية والدفعيات وكل ما يرتبط بها، إذ تحولت هذه المعاملات بين ليلة وضحاها؛ لتتم عبر الأثير التقني وعن بعد وكل هذا يتم في سهولة وسرعة بل في متعة. 
وهكذا نقلتنا التقنية للتعامل المالي الأثيري وهذا النشاط في ازدياد محموم يغطي كل العالم بواسطة من يرغب. وهذا تحول كبير في المعاملات المالية والعمل المصرفي محرك الاقتصاد والعمل التجاري.  
وبسبب الطفرة في هذه العمليات التقنية وبسبب الرغبة فيها، انتشرت شركات التقنية المالية “فنتك” وكذلك أيضًا ازدادت وتيرة العمليات المصرفية التقنية. 
ووجود هذه البدائل المشروعة إضافة للرغبة في هذه النشاطات، كل هذا، قاد للزيادة المضطردة في انتشار حمى الـ “فنتك”، التي زارت كل الناس وفرضت نفسها عليهم. 
وهذا بدوره، مكن ثقافة فنتك من القبول والترحيب ثم الانتشار. وإذا رجعنا للإحصاءات، في السنوات الأخيرة، نجد أن تعاملات فنتك تجاوزت المليارات من الدولارات مغطية كل العالم. وهذا من دون شك، يشكل أكبر دليل على أهمية الثورة التقنية التي فتحت لنا آفاقًا بعيدة ومدارك جديدة لا حدود لها.
فعلًا طفرة كبيرة وتطور مشهود في تعاملات التقنية المالية “فنتك”، ونتمنى لها المزيد من الإنجازات لمصلحة الجميع. ولكن هل هذا يتم، من دون عواقب ودون سلبيات ومنغصات وخال من المشكلات و “ووتر بروف”؟ والإجابة بصريح العبارة، لا؛ بل هناك العديد من المشكلات ووجع الرأس المايغرين ووجع القلب. والمشكلات عديدة ومتنوعة، منها الصعب ومنها الصعب جدًّا. ولكننا سنحصر نفسنا في أهم المشكلات القانونية فقط، وهي لو تعلمون عميقة الآثار وقد تقود للهلاك ونهاية الشركة. 
كما أوضحنا، فإن التقنية المالية تقوم على التكنولوجيا والتعامل عن بعد. وهذا النوع من التعامل يحتاج لتشريعات وقوانين محددة تقنن هذه العمليات وما يرتبط بها وتمنحها الصفة الشرعية “المشروعية” ليتم قبولها والتعامل معها وبها. وكذلك، في نفس الوقت، يجب على هذه القوانين وضع الأحكام القانونية التي تعاقب من يتجاوز المشروعية في هذه التعاملات التقنية التي تتم في العالم الأثيري الذي لا نراه ولا نسمعه ولا نحسه لعدم ارتباطه المباشر بالحواس.

 وهذا الوضع بالطبع يشكّل فجوة كبيرة يحب أن ينظمها ويغطيها القانون. فهل لدينا القوانين الكافية والملائمة لهذا الدور؟ أعتقد أنه مازال هناك الكثير من العمل المطلوب لمضاهاة الوضع القانوني بالوضع التقني المتطور في كل يوم بل في كل لحظة، (وفوق كل ذي علم عليم). ولكن لابد من وضع القوانين الحديثة المتطورة التي تغطي كل الاحتمالات المتوقعة.
من المسائل القانونية الشائكة كيفية وقانونية التعامل مع البيانات. والمعاملات الإلكترونية التقنية، وبحكم طبيعتها، فإنها تتعامل مع البيانات الشخصية (بيرسونال داتا). وهذا موضوع في غاية الحساسية الآن وهناك ضوابط قانونية مشددة في التعامل مع هذه البيانات وكيفية برمجتها للتعامل الصحيح معها. وهذا الوضع القانوني يحتاج لكفاءات ومتطلبات لوجستية عالية قد يصعب تنفيذها وبالتالي التعرض لغرامات مالية باهظة بأرقام تفوق الخيال (مثلًا قانون حماية البيانات الشخصية الأوروبي يفرض غرامات تصل لملايين الدولارات في الحالة الواحدة. والسبب حسب رأيهم، بسيط جدًّا، وهو حماية الإنسان وكل ما يرتبط به. (والحمد لله قيمة الإنسان عندهم غالية). وبالمقارنة بين شركات التقنية المالية “فنتك” والبنوك الإلكترونية التقنية، نجد أن الضوابط الموجودة في البنوك قوية ويصعب اختراقها. بمعنى آخر، أن حماية البيانات في قطاع البنوك متوفرة أكثر مقارنة مع الوضع في شركات فنتك. وحماية البيانات، يصعب تجاوزها ولا بد من مواجهتها وفق متطلبات القانون وبدائل التقنية المتوفرة، وهي فعلًا مصدر خطر مباشر على نشاط هذه الشركات وهذا بدوره سيؤثر على ثقة الزبائن والمتعاملين الذين يبحثون عن الأمان التام بما في ذلك حماية بياناتهم الشخصية لأهميتها الذاتية. وهناك مسائل قانونية أخرى، يتبع..

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية