العدد 5610
الجمعة 23 فبراير 2024
banner
اندماج البنوك البحرينية
الجمعة 23 فبراير 2024

تناولت الأخبار في الفترة الأخيرة خبرا مفاده النية في اندماج بنك البحرين والكويت وبنك البحرين الوطني. وهذا خبر جميل للبحرين، لأن من هذا الاندماج سيأتي بنك جديد قوي مقتدر، وبرأس مال كبير وقوى بشرية متمكنة من إدارة البنك العملاق الجديد لصالح البحرين والاقتصاد الوطني. وهذا ما تحتاجه البحرين لتحقيق الرؤية الاقتصادية المتكاملة التي يتطلع لها الجميع. إن تفكير البنوك في الاندماج والتملك وتوحيد الأعمال المصرفية، من الأمور المهمة لتطوير العمل المصرفي. بالإضافة إلى أنه يصبح أمرا طبيعيا ضروريا وتحوطا احترازيا يجد التقدير. ولقد بدأت بعض البنوك في البحرين في الاندماج والاستحواذ ونأمل أن يكون لهذا التصور الاندماجي أثر وحمى “الدومينو ايفكت” لدى جميع البنوك، لأن في الاتحاد والوحدة قوة لا تقدر بثمن.
وتقديرا للأوضاع الاقتصادية في المنطقة وفي كل العالم، من المستحسن أن تقوم البنوك المركزية، بصفتها الإشرافية والرعاية “الأبوية”، بتشجيع الاندماج والتملك والاستحواذ لتكوين كيانات مصرفية قوية تستطيع مجابهة الهزات والعواصف القوية التي تعصف بالصغار والضعفاء. وعلى البنوك المركزية بالنسبة لاندماج البنوك، في نظرنا، أن تتقمص شخصية الوالد الذي يفرح ويشجع زواج الأبناء ويدعمه، ولكن لا يفرض شروطه بل يتركها لرغبة الأبناء الذاتية.
إن اندماج البنوك له متطلبات قانونية عديدة لابد من تنفيذها والالتزام بها، حماية للحقوق وحفاظا للواجبات وكل التوابع الأخرى. ولا شك في أن رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك لهم القدح المعلى، لأن الخطوة الأولى وضربة البداية تبدأ عندهم ومنهم ولهم. وهنا نقول، إن على هؤلاء السادة تجشم روح القيادة والتجرد والسعي بجدية نحو تحقيق الاندماج إذا كان في هذا مصلحة البنك. نقول هذا لأن بعض مجالس الإدارات أو بعض الأعضاء يقفون ضد أي فكرة للاندماج أو ما شابه، انطلاقا من الحفاظ على “الكرسي” وما يتبعه من هالة ومادة ومكانة في المجتمع. وفي مثل هذه الحالات فإن المساهمين يكون لهم دور مفصلي، من أجل ترجيح كفة ما فيه الفائدة للشركة خاصة والمجتمع عامة.
من الخطوات القانونية، التي تسبقها الدراسات الفنية والعديد من الخطوات الإدارية التنفيذية، موافقة المساهمين ومجلس الإدارة عبر إصدار قرار واضح يتضمن الاندماج، أو غيره من الخطوات الخاصة بالملكية، وتفاصيل كيفية تنفيذ القرار المشفوع بموافقة السلطات الإشرافية الرقابية ذات الصلة وخاصة البنك المركزي. وقبل هذه الموافقات الداخلية والرسمية، في العادة، تقوم “البنوك” بتشكيل لجنة لبحث تفاصيل الاندماج والاتفاق على المبدأ أولا ثم التفاصيل المكملة مثل اسم البنك “الجديد” بعد الاندماج، وتشكيل مجلس الإدارة ورئيس المجلس، والمقر الجديد، الإدارة التنفيذية العليا، مقدار رأس المال وملكية الأسهم، سعر الأسهم، قيمة الأصول، ثمن الشهرة “قوود ويل” والسمعة التجارية...  الخ. إن النقاش بشأن هذه التفاصيل يشكل جحر الأساس للمشروع الجديد الذي قد يكتمل أو قد ينتهي عند عتبة هذه اللجان لعدم الاتفاق النهائي أو ربما لتعارض وتنازع المصالح وغيره من الظروف والمستجدات الداخلية والخارجية. أيضا، من الناحية القانونية، لابد من الإشارة إلى أن السلطات الرقابية والجهات الحكومية الإشرافية وذات العلاقة قد لا توافق على الاندماج إذا رأت أنه ضار أو قد يضر بالمنافسة التجارية الشريفة بصفة عامة أو على القطاع المعني بصفة خاصة أو يقود للهيمنة والاحتكار الضار بالمستهلك وأصحاب وذوي العلاقة.. الخ. ولقد رأينا سوابق عديدة، لأن السلطات الرسمية، في أوروبا وأميركا، اعترضت على بعض الاندماجات، لأنها قد تأتي بنتائج عكسية وتضر بالمنافسة والتجارة الحرة وحماية المستهلك. ولا شك، في أن السلطات المختصة هنا ستأخذ بهذه النقاط في اعتبارها قبل منح الموافقات النهائية.
 وكحقيقة ثابتة، فإن حدوث الاندماجات سيخلق وحدات مصرفية قوية ومتمكنة لتقديم أفضل وأمثل الخدمات للزبائن ولكل الحركة الاقتصادية والتجارية في البلد والمنطقة. ولذا، على الجميع الوقوف لتحقيق هذه الأمور، لأن انعكاساتها الإيجابية و “نعمها” لا تحصى. ومن العلاقة الجديدة سيتم ميلاد ابن شرعي يحبه الجميع، لأنه سيخلق وضعا مصرفيا خاصا ومتميزا يؤدي إلى إحراز أهداف جميلة يستمتع بها الجميع، وهذا هو المبتغى، لأن النجاح في هذا المسعى سيحمس البنوك الأخرى بل وكل الشركات التجارية الأخرى ذات الوزن والدور المهم في البحرين للسير في طريق الاندماجات والوحدة، ما يخلق قواعد اقتصادية قوية ومتمكنة للعب أدوار مفيدة للبحرين.

مستشار وخبير قانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية