العدد 5596
الجمعة 09 فبراير 2024
banner
مبدأ الملكية الفكرية (3-2)
الجمعة 09 فبراير 2024

في مملكة البحرين، هناك اهتمام فائق بحقوق الملكية الفكرية، ما يدل على الاهتمام بالإنسان وانتاجه الفكري.
ومن الضروري القول، إن في مملكة البحرين تم إصدار قوانين عدة في هذا الخصوص، منها قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، قانون براءات الاختراع ونماذج المنفعة، قانون العلامات التجارية، قانون الرسوم والنماذج الصناعية، قانون حماية المؤشرات الجغرافية، قانون تصنيع وتداول الأقراص البصرية، قانون تصميمات الدوائر المتكاملة، قانون الأسرار التجارية، قانون الأسماء التجارية. وهذه الحزمة المتكاملة من التشريعات تضع البحرين في مقدمة الدول المهتمة بمجال حقوق الملكية الفكرية، وبهذا تسير على نهج الأجداد ممن شيدوا حضارة دلمون وتايلوس وأرض الخلود.
وبالطبع، سيكون لهذا الاهتمام انعكاساته المباشرة في تنمية حقوق الملكية الفكرية في البحرين وزيادتها وفق أفضل الممارسات والأرضية القانونية السليمة. 
ومن الجدير بالذكر، أن الدائرة المختصة بهذه الحقوق في وزارة الصناعة والتجارة بها كفاءات عالية لتطبيق هذه القوانين ذات العلاقة بكل مسائل الملكية الفكرية، وكذلك المساعدة الجادة وتقديم كل العون لكل من يرغب في تسجيل حقوقه وصيانتها ومن ثم متابعتها.
وفي هذا دعم كبير للمبدعين وهذه نظرة حضارية لدورهم في خدمة وارتقاء المجتمع وتحضره.
كل القوانين الخاصة بحماية الملكية الفكرية، المتعلقة مثلا بالأسماء التجارية أو حقوق المؤلف أو المؤشرات الجغرافية أو الرسوم والنماذج الصناعية، تتضمن كل التفاصيل الخاصة بهذه النشاطات الفكرية وجميعها تشترط التسجيل وفق الإجراءات في السجل المعد لذلك؛ ليتم تعريف كل الأطراف المعنية بهذه الأسماء والعلامات التجارية والنماذج الصناعية.
ومن الشروط القانونية الأساسية للتسجيل عدم تطابق أو ازدواجية الأسماء بمعنى أن يكون الاسم “فريد وحيد” متميزا وقائما بذاته، وله فائدة مادية محسوسة. وعليه فإن من قام بالتسجيل أولا ينال “قصب السبق” ويمنح الحماية القانونية التامة ولا يعطي هذا الحق في الاختيار لطرف آخر مهما كان لسبق التسجيل الرسمي، وعن هذا التسجيل ومتى بدأ ومتى ينتهي، هناك حقوق وهناك منازعات عديدة متعلقة بهذه الحقوق.

وبالرغم من وجود البنية القانونية الواضحة، إلا أن هناك منازعات عديدة، وبعضها حادة، أمام المحاكم والتحكيم في قضايا مرتبطة بحقوق الملكية الفكرية، وهذا الصراع المحتدم موجود في كل دول العالم. ووفق تقارير المنظمة العالمية للملكية الفكرية “وايبو”، وكما ذكرنا في المقال السابق، فهي المنظمة الأممية المعنية وبشكل حصري برعاية الحقوق والممتلكات الفكرية بما فيها حقوق المؤلفين من أدباء موسيقيين وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية وغيره، ومن الملاحظ أن المنازعات القانونية بشأن هذه الحقوق في ازدياد متصاعد وهناك العديد من القضايا أمام “هيئة التحكيم الخاصة بمنظمة الوايبو” للوساطة أو للفصل وإصدار أحكام فيها، ولقد شاركت أنا شخصيا في هيئات تحكيم بعض هذه القضايا. 
وأيضا هناك منازعات عديدة بشأن هذه الحقوق أمام المحاكم القضائية في مختلف الدول، وهي قضايا مكلفة وتحتاج لتجربة خاصة ومعرفة تراكمية في الحقوق المتنازع عليها وفهم كنهها، وكمثال نذكر حقوق المؤشرات الجغرافية والمنازعات مثلا بين فرنسا وهولندا وبلجيكا وسويسرا بشأن الأصل المحلي لبعض الأجبان أو بعض الشوكولاتة أو النبيذ وخلافه، وكل دولة تقول إنها الأصل الجغرافي. وللعلم هناك منازعات حادة جدا أمام مركز التحكيم والوساطة التابع للمنظمة الدولية للملكية الفكرية بجنيف، وهذا المركز مؤهل فنيا ولديه تجارب عديدة حسب إجراءاته ولوائحه ومن يقوم بالتحكيم والوساطة فيه، ويعتبر هذا المركز سندا أساسيا ودعامة كبيرة لحماية حقوق الملكية الفكرية على مستوى العالم. ونقول إن وجود المنازعات حول هذه الحقوق على المستويين العالمي والمحلي يبين الاهتمام الكبير بهذه الحقوق والمطالبة بها كإضافة مادية كبيرة لمالكها ومن يتبعه من شركاء أو ورثة لهذه الحقوق الجميلة والنافعة من الفكر البشري والإنتاج الذهني النابغ المتميز.
كل التشريعات أعلاه، المنظمة لحقوق الملكية الفكرية تتماشي مع القوانين والمعاهدات الدولية وتوفر الغطاء القانوني الكافي لحماية هذه الحقوق. وعلى كل مبدع أن يطمئن بأن المجال مفتوح للإبداع، ولكن عليه الحرص التام والعمل على تسجيل إبداعه حتى ينال الحماية القانونية الكافية للمدد القانونية المذكورة في القوانين السارية. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .