العدد 5589
الجمعة 02 فبراير 2024
banner
مبدأ الملكية الفكرية (3/1)
الجمعة 02 فبراير 2024

حقوق الملكية الفكرية من الحقوق المهمة التي يعترف بها القانون، وكذلك الشرع، ويحميها تماما لصالح مالكها ويحرم على الآخرين انتهاكها بأي وسيلة. وفي الواقع، أن حماية القانون للملكية الفكرية بالقانون الوضعي، بدأت منذ فترة غير بعيدة. والأصل أن القانون، ومنذ فترة طويلة جدا، ظل يحمي الحقوق المادية الملموسة المحسوسة وللدرجة التي تجعل المالك لهذه الحقوق الاستفادة من هذه الحماية في مواجهة كل من يعتدي على حقوقه. ومع مرور الزمن، اتضح أن هناك حقوقا هامة جدا معنوية وغير ملموسة وتأتي من الإنتاج الفكري ممن لديهم المواهب والأفكار التي يستفيد منها الجميع ويشعر بالغبطة والسرور من هذه الملكات الفكرية الذهنية التي حباها الله جل جلاله لبعض خلقه دون سواهم وكرمهم بالعقل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، صدق الله العظيم.
وهذه الملكات الفكرية الذهنية تتمثل في الإبداع في الشعر والأدب بمختلف أنواعه والموسيقى والغناء والفنون التشكيلية وغيرها بكافة أنواعها، وغير ذلك مما ينتجه الفكر الثاقب الموهوب. وهذه الحقوق، الناتجة من الفكر والبذل الذهني الذي يملكه بعض الخاصة، ظهرت الحاجة للاهتمام بها وضرورة رعايتها وحمايتها لصالح مالكها ليستفيد منها ماديا وكذلك لتستفيد منها البشرية التي تأنس وتطرب وتستمع بإنتاج هذه الملكية الفكرية المتميزة.. ومن هنا أتت بداية الفكرة لحماية الملكية الفكرية بصورة جادة من عدة جهات وأفراد ودول.
وظهرت المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية (وايبو) التي تعتبر من أهم المنظات التابعة لهيئة الأمم المتحدة. ويوميا تزداد أهميتها لأن الذهن والفكر البشري في تطور متسارع ولا حدود له، وهذا من نعم الله علينا جميعا، وتأتي لنا الأفكار المبدعة من كل أنحاء العالم ويقود هذا لتحسين المزاج والفكر ورفع المعنويات في عالم واحد يجمعنا جميعا.
والمنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية (وايبو) مقرها في جنيف بسويسرا، وهي المنظمة التي ترعى وتشجع وتدعم الملكية الفكرية والحفاظ على حقوقها لصالح مالكها. وأصدرت هذه المنظمة العديد من اللوائح والإرشادات والتوجيهات الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية. وهذا الدور الذي تقوم به منظمة “وايبو” فيه اعتراف بالإنتاج الفكري البشري الآتي من الذهن البشري وهو خير ما حباه الله للبشر وميزهم به من بقية المخلوقات.
وانتقلت فكرة حماية الملكية الفكرية (كالنار في الهشيم) لكل دول العالم التي أصدرت التشريعات والقوانين والأنظمة الخاصة بحماية الملكية الفكرية بكافة أنواعها وذلك وفق الشروط الواردة في هذه القوانين الوطنية ومنها تسجيل حقوق الملكية الفكرية وفق الإجراءات القانونية والتوجيهات التي تصدرها الجهات المختصة في كل دولة وإقليم.
وعلى كل من يرغب في حماية حقوقه الفكرية في كل مكان اتباع القانون والإجراءات النافذة ووفق ذلك سيحظى بتسجيل ملكية حقوقه وكذلك حمايتها وإصباغ كل ما يأتي من هذه الحماية القانونية. وهذا هو المقصود لحماية الملكية الفكرية وبما يتماشى مع القانون والأنظمة والمواثيق الدولية، وهنا مربط الفرس، وعلى الجميع الإسراع والتوجه إلى الاستفادة من هذا المنفذ القانوني المهم. وأنظر حولك لترى إبداعك الفكري وقم بتسجيله وفق الضوابط والإجراءات القانونية المتبعة، وستشعر بحلاوة طعم مذاق فكرك المبدع. وأيضا سيستفيد المجتمع المتطلع لإنتاج الأفكار النيرة في كل المجالات الخاصة بالملكية الفكرية.

مستشار وخبير قانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية