مقاومة التغيير متأصلة في نفوسنا بل في موروثنا الشعبي، فالإنسان عدو ما يجهل، ولا يقبل أن يقوم أحدهم بتغيير ما ألفه أو عاش عليه، وهو أمر مفهوم وطبيعي في النفس البشرية، إلا أن بعض التغيرات يجب أن يصاحبها نوع من التدريب أو الهدوء حتى تصل إلى مبتغاك، وحقيقة كل ما هو حولنا متغير وغير ثابت، إلا أن التدرج في التغيير يتأصل بقوة إذا ما كانت مخططات التغيير على مدى بعيد! وسأقرب الصورة لكم، حيث انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع في خمسينات القرن الماضي، وهي فترة ليست بعيدة في عمر الزمان، والمقطع يحتوي على “مانيكان” ترتدي ثيابا خالعة في مفهوم ذلك الزمان، حيث كان المجسم النسائي يلبس فستانا قصيرا ومفتوح الصدر، وبدأ المذيع يسأل السيدات في الشارع إن ما كانت مستعدة أن تلبس هذه الملابس أمام العامة، وكان الرفض السمة المشتركة بين جميع السيدات اللاتي التقى بهن المراسل صانع هذا التقرير، لكن ماذا بعد هذا كله لم تمر سنوات إلا وغزت سياسة التعري عددا كبيرا من البلدان الأوروبية والغربية دون استثناء، ولا يعد ذلك المثال رائعا أو معمما أو حتى يقتدى به، لكنني وددت أن أقرب المثال نوعا ما لمن يعتقد أن التغيير مستحيل، والحقيقة أن التغيير آت في جميع مناحي الحياة، إلا أن المنظومة الأخلاقية يجب أن تصمد أمام هذا الغزو الثقافي، ولا مجال للصمود إلا من خلال العائلة أولا واهتمامها بأبنائها، وتعليمهم الصحيح والخطأ والحلال والحرام، أما ترك الأطفال للمدرسة والأصدقاء والبرامج والإنترنت فهو أمر لا يبشر بخير أبدا، ولنا ولكم الاختيار فيما نصبو إليه أن نعرج إلى مبتغانا من تغييرات علمية وثقافية وتكنولوجية مع الاحتفاظ بهويتنا وقيمنا وأخلاقنا، أو الانجراف إلى أن نكون نسخة من الغرب الضائع، بلا موروث أو هوية أو ثقافة أو حدود، ولنا جميعا حرية الاختيار!.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية