العدد 5598
الأحد 11 فبراير 2024
banner
بائعو الوهم!
الأحد 11 فبراير 2024


نسمع كثيرا عن "كورسات" التنمية البشرية والاهتمام بالذات وحب النفس والاكتفاء بها، حتى وصلنا إلى الحد الذي بات فيه الجميع لا يفكر سوى بنفسه، نفسي ثم نفسي ومن بعدي الطوفان! ولا أعلم أين اختفت المبادئ والقيم الأخرى، كالإيثار والتعاون والتلاحم ومساعدة الغير وغيرها أيضا الكثير! بل إنني مستغربة من مقدار العجرفة المتزايدة التي يعيشها الأغلبية، ظنا من كل فرد أنه أفضل شخص على سطح الكوكب، ولم لا وكل المؤشرات والدورات وما يخرج به أصحاب التنمية البشرية يتحدث عن النفس أولا وأخيرا، وكأنما البشرية فنت وبقيت تلك النفس وحيدة تلهو وتلعب وتغامر وتنتصر!
يالها من أكذوبة منمقة بالكثير من الماديات والكلمات الإيجابية! أنت تستطيع، أنت تقدر، نفسك أولا، وشعارات رنانة لا حصر لها، حتى بات الجميع يظن أن لهذا خلقوا.. حتى يدورون في فلك أنفسهم لا غير! المضحك في هذا الموضوع أن الكذبة انطلت على الأغلبية، فتجد بعض النساء فجأة بعد حضورهن تلك الدورات قد انقلبن رأسا على عقب، فلا اهتمام بالمنزل ولا الأطفال ولا شريك حياتها، منصاعة لأوامر مدرب أو مدربة التنمية البشرية أو "الكوتش" كما يطلق عليه، حيث نصحها في ظل إحباطاتها وضغوطات الحياة أن تترك كل شيء جنبا وتنطلق في السعي نحو السعادة المرجوة التي تأخرت كثيرا بسبب دراستها أو تكوينها أسرتها أو رعايتها أحد والديها! فتعجب حقا من الفتيات اللاتي يبعن عقولهن لمدربي الطاقة أو التنمية أو أي مسمى يود أي منكم إطلاقه عليهم! الأصعب من ذلك كله أن تلك المحاضرات أو الدورات والاستشارات اللاتي يتلقين فيها تلك النصائح الذهبية التي تفضي في نهاية المطاف إلى الطلاق أو الانفصال أو العقوق أو حتى الضياع، ليست من باب النصح، إنما من باب البيع، فتدفع تلك والأخرى جميع ما تملك من أموال وقد تقترض فقط للحصول على فرصة ذهبية لحضور ورشة أو محاضرة لبائعي الأوهام!.

ومضة!
ليس كل ما يلمع ذهبا! لذا أستثني الذهب من حديثي فهناك أسماء حقيقية امتهنت الاستشارات الحياتية أو العاطفية أو غيرها بعد باع وخبرة طويلة ودراسة محكمة تستطيع من خلالها أن تقدم أفضل ما يمكن لمن يطلب النصيحة أو المشورة في حياته! ومن منا لا يحتاج إلى هذا الخبير صاحب الريادة والعلم والمهارة حتى يلجأ إليه، لكن القصد أن نتحرى الأسماء ونبعد عن بائعي الوهم!.
كاتبة وأكاديمية بحرينية


 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية