إننا نريد أن نطهر بلدا من الوحوش الضارية، ولن نحمل القوس والرمح، ولن نذهب فرادى في أثر الدببة كما كانوا يفعلون في أوروبا في القرن الخامس، لكننا سننظم حملة جماعية مجهزة ونطرد الحيوانات ونرمي وسطهم قنابل شديدة الانفجار. بهذا الكلام وذلك القاموس الذي يحض على قتل البشر وطردهم كالحيوانات تحدث تيودور هرتزل الزعيم الصهيوني بعد أن وصف فلسطين بالركن الموبوء والبالي من الشرق.
وبنفس اللغة تحدث قادة إسرائيل، لم يتخلف أي منهم عن ذلك القاموس وتلك اللهجة الاستعمارية والعنصرية أيضا. شاهدنا وسمعنا "جالانت" وزير الدفاع الإسرائيلي يصف الفلسطينيين بالحيوانات قائلا أمام شاشات التلفزيون: نحن نقاتل حيوانات ونتصرف وفقا لذلك.. لا ماء لا كهرباء لا طعام. رغم أنه بالتأكيد يعلم أن الحيوانات تحتاج الطعام والماء. فهل أخطأ جالانت أم أنه فقط أراد أن يلتزم بالقاموس المعتمد لقادة الصهيونية منذ مؤتمرهم الأول في بال بسويسرا عام 1897. جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل حين حاولت أن تتحرر وتبتعد عن هذا القاموس قليلا فإنها لم تر للفلسطينيين وجودا من الأصل. في يوم سألها أحد الصحافيين عن الفلسطينيين؟ فأجابت مستنكرة: من هم الفلسطينيون؟ أين هم الفلسطينيون.. أنا لا أراهم.. إنني لا أعرف شعبا بهذا الاسم. وهو كلام يتماشى مع الكاتب الصهيوني إسرائيل رانجويل صاحب أكبر كذبة في التاريخ قامت عليها دولة فهو صاحب مقولة: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. تعاملت إسرائيل منذ تخلقت الفكرة في رأس هرتزل وأصحابه مع الفلسطينيين وكأنهم أشباح لا تراهم، تنكرهم وتتجاهلهم، وحين ترى بعضهم تسعى للقضاء عليهم بأشد الأسلحة فتكا دون أن يطرف لها جفن.. هم في النهاية حيوانات!.
وحتى الرئيس الأميركي بايدن تعامل مع الفلسطينيين مثل تعامل جمعيات الرفق بالحيوان أو أقل قليلا.. فهو لم يطالب أبدا بعد كل هذا الدمار وقتل 30 ألف إنسان بوقف القتال في غزة، وإنما طالب فقط بإيصال الطعام والدواء. هو هنا ربما يريد أن يذكر "جالانت" بأن الحيوانات تحتاج الطعام والماء! لكننا نود أن نهمس في أذن نتنياهو وجالانت وبقية القتلة أن الحيوانات في الغابة والضواري المفترسة ضجت من أفعالكم المخزية، وأنه لم يحدث في تاريخ الغابة أن قام أكثر الضواري افتراسا بكل هذا التدمير والقتل لبني جنسه من الحيوانات!.

مدير تحرير "الأهرام"