العدد 5586
الثلاثاء 30 يناير 2024
banner
أم كلثوم تندد بالجامعة العبرية
الثلاثاء 30 يناير 2024


لعله كان من الغريب أن تندد أم كلثوم بإنشاء الجامعة العبرية في وقت كان مفتي القدس كامل الحسيني شقيق الحاج أمين الحسيني يحضر حفل افتتاح هذه الجامعة عام 1925، فكرة إنشاء الجامعة كانت البذرة التي قامت عليها دولة إسرائيل، فالجامعة سبقت الدولة. تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية عرض فكرة إنشاء الجامعة على السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، لكنه رفض الفكرة لأنه أدرك أن هدفها تشجيع اليهود على الهجرة إلى فلسطين، وبعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى استطاع اليهود الحصول على وعد بلفور بإنشاء وطن لهم في فلسطين، ثم جاءت الموافقة على إنشاء الجامعة العبرية، وتم افتتاحها عام 1925 بحضور اللورد بلفور نفسه. لم يمر الحدث بهدوء وسادت حالة من الغضب في الشارع الفلسطيني، فحضور اللورد البريطاني بلفور كان مستفزا لمشاعر الفلسطينيين بعد وعده المشؤوم.
قررت الحركة الوطنية مقاطعة الاحتفال، وأصدرت بيانا تضمن: عمل إضراب شامل يوم وصول اللورد بلفور ومنعه من الوصول إلى الأماكن المقدسة، وعدم المشاركة في الاحتفال، وصدرت الصحف الفلسطينية يجللها السواد تنديدا بوصول بلفور. كما تم تنظيم مهرجان في الحرم القدسي ألقى خلاله الناشط المسيحي خليل السكاكيني كلمة على منصة الحرم ضد بلفور وزيارته طالبا منه إلغاء الزيارة لأنه يزور البلاد ضد رغبة أهلها. وكتب الشاعر إسكندر الخوري "الله أكبر كل هذا في سبيل الجامعة.. ما تلك جامعة العلوم بل المطامح جامعة". الغريب أن مفكرا بحجم أحمد لطفي السيد تورط في حضور هذا الاحتفال، من المحتمل أن يكون قد تلقى دعوة لحضور افتتاح جامعة جديدة في القدس، وهناك اكتشف أنها الجامعة العبرية، لذلك امتنع عن إلقاء كلمة في الاحتفال. الفنانة الكبيرة أم كلثوم بحدسها السياسي راحت تندد بالمؤامرة التي يتم تنفيذها، ساخرة من تصريح المندوب السامي هربرت صمويل بأن الجامعة ستكون لجميع طوائف الشعب الفلسطيني. فلسطين في ذلك الوقت كانت تقترب من مليون نسمة 98 % منهم يتكلمون العربية و2 % يهود، أكثرهم لا يعرفون العبرية. فلمن سيكون التعليم بالعبرية إذا؟ لابد أنه سيكون لمن يتم تهجيرهم إلى فلسطين.
جريدة الأهرام ألمحت إلى أن الجامعة هي إحدى وسائل تحقيق الهدف الصهيوني قائلة: ليس من الصواب القول إن تصريح بلفور كان القوة العظمى التي استمدها الصهيونيون لتحقيق أمانيهم، فالتصاريح الرسمية ليست العامل الجوهري في تحقيق أطماع الأمم، بل القوى الكامنة في نفسها والوسائل التي تستخدمها لتحقيق هذه المصالح. وليس تصريح بلفور سوى إحدى هذه الوسائل. 
تم إنشاء الجامعة العبرية في القدس الشرقية، وبعد هزيمة 67 سقطت القدس في القبضة الإسرائيلية، فتوسعت الجامعة وتوسعت إسرائيل، الجامعة كانت البذرة التي أقامت الدولة، هكذا خطط الاستعمار الغربي.. وهكذا كان.

مدير تحرير "الأهرام"
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .