+A
A-

مقاطعة منتجات بعض الشركات.. سلاح ذو حدين

مقاطعة منتجات بعض الشركات سلاح يُثبت فاعليته يوما بعد يوم، ولكنه من جانب آخر سلاح ذو حدين، فالمقاطعة تؤثر على الاقتصاد والاستثمار، وبالتالي يمتد تأثيرها على الموظف الذي يعمل بهذه الشركات الواقعة تحت سقف المقاطعة، وتعتبر مصدر دخله ودخل عائلته، في حين يجدها البعض من جانب آخر أنها رسالة وقفة تضامنية مع المظلوم والمستضعف ضد المحتل الظالم.


في هذا الموضوع، الذي بات حديث الشارع، وجد العديد من أفراد المجتمع أن المقاطعة تستخدم كوسيلة ضغط اقتصادية؛ بهدف إحداث تغيير سياسي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي لاسيما في الصناعات الغذائية والزراعية، إضافة إلى أنها فرصة لنمو التجارة البينية بين الدول العربية، فهي فرصة كبيرة لدعم المنتج المحلي كذلك، إلا أنه يؤخذ عليها أنها تشتد في بداياتها وتتعالى الأصوات المطالبة بها، ومن ثم تبدأ بالتقهقر والتراجع مع مرور الزمن، بحسب ما صرح به بعض ممن يعملون في شركات الوجبات السريعة التي تضمنتها قائمة المقاطعة.


بداية الحرب
وبيّن هؤلاء أنه مع بداية الحرب على غزة، وتصاعد المطالبات بالوقوف التضامني مع أهل غزة جراء ما يقع عليهم من اضطهاد من قبل الإسرائيليين، أصبحت محلات بيع الوجبات في مهب الرياح، ولكن بعد مرور الزمن ومضي ما يقارب الشهرين ونصف الشهر إلى 3 أشهر بدأت بوادر عودة الحركة إلى هذه المحلات وإقبال طفيف من قبل المستهلك للشراء منها.


إلى ذلك، أكد عدد ممن يعملون في مطاعم الوجبات السريعة أن مبيعات تلك المطاعم التي يعملون بها تأثرت بصورة كبيرة جدا، إذ تراجعت المبيعات لتصل ما بين 1000 و1.5 ألف دينار، في حين كانت تلك المطاعم تحقق مبيعات تتراوح ما بين 3 و4 آلاف دينار في اليوم الواحد.


ولم يُخفِ هؤلاء، الذين معظمهم من الشباب، مخاوفهم من استمرار الوضع على ما هو عليه من تذبذب، ما سيؤدي بلا شك في نهاية المطاف إلى فقدهم وظائفهم التي تُعيلهم وذويهم، لذا فإنهم يرون أنه يجب على وزارة العمل السعي منذ الآن لخلق وظائف بديلة لكل من يتم الاستغناء عنه بسبب المقاطعة وتأثر الشركات بها، وإلا فإن معدلات البطالة ستعاود الارتفاع مرة أخرى.


التعامل بحذر
من جانب آخر، يرى العديد من أفراد المجتمع البحريني أننا، أي البحرينيين، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن تلك الشركات ما هي إلا مشروعات واستثمارات يديرها بحرينيون ويعمل بها العديد من الشباب البحريني، الذين يمثلون إحدى أكبر شرائح المجتمع من ذوي الدخل المحدود، ناهيك عن تعامل تلك الشركات مع الأسواق المحلية الأصلية في الدولة، إذ تتزود الشركات التي تطالها المقاطعة من الشركات المحلية بما يلزمها من احتياجات لتقديم منتجاتها الرئيسة. لذا فإننا يجب نأخذ بعين الاعتبار أن المقاطعة تؤثر على الشركات المحلية كذلك، وعليه يجب التعامل مع هذا الأمر بحذر شديد بما لا يضر بمختلف الأطراف، وربما يجب إيجاد طرق ووقفات تضامنية أخرى لمساندة الشعوب المتضررة من الحروب وويلات الصراعات السياسية.


وعلى صعيد متصل، وعودة على ما تم عرضه بأن تلك الشركات التي طالتها المقاطعة هي شركات تضم تحت مظلتها وفي إداراتها وأقسامها المختلفة نسبة من العمالة الوطنية العالية، كما أنها من أهم الشركات التي توظف الشباب البحريني في قطاع التجزئة، وهو قطاع يحتاج إلى الكثير من الأيدي العاملة، فهي بذلك تعمل أصلا مع الجهات المعنية كوزارة العمل فيما يتعلق بتخفيف ملف البطالة، عن طريق توظيفها للكثير من الشباب المصنفين من ذوي الدخل المحدود، والذين لا يحملون في جعبتهم شهادات عليا، وفي حال تمت مقاطعة هذه الشركات أو المنتجات فإنه من البديهي أن تتأثر أرباح الشركات التي تم مقاطعتها، وبالتالي فإن أول ما ستقوم به هو الاستغناء عن العنصر البشري، ما سيسهم في زيادة أعداد البطالة بين أهم فئات المجتمع وهم الشباب، وبالتالي سيمثل ذلك عبئا على كاهل وزارة العمل لإيجاد حلول لهذا التحدي.


تغيير السلوكيات
ولكن في رأي آخر، يرى كثيرون أن المقاطعة تُعد من أقوى الأسلحة، إذ إن الحرب الاقتصادية دائما ما تُثبت نجاحها ووصولها للهدف، ومهما وقع علينا من تأثير جراء المقاطعة فإننا نراها ضرورة للاستمرار، وربما هي فرصة لتغيير سلوكيات أفراد المجتمع الاستهلاكية، وعليه فإنهم يستبعدون أن تؤدي المقاطعة إلى البطالة، ويرون أن ذلك غير صحيح، خصوصا إذا اتجه المستهلك للمنتج المحلي والصناعات الوطنية فسيؤدي ذلك إلى زيادة عملية الإنتاج لدى الشركات المحلية، وبالتالي يستوجب ذلك الكثير من الأيدي العاملة التي بدورها يمكن أن تعمل في الشركات المحلية الوطنية، وفي هذه الحالة يجب على الدول والجهات المعنية العمل على زيادة حصة الدعم لهذه الشركات وللسلع الوطنية، الأمر الذي لا يُساهم فقط في تعزيزها داخليا فحسب، بل سيُعزز من قدرتها التنافسية على المستوى الدولي، الأمر الذي سينعكس على زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتقليل التضخم.