العدد 5567
الخميس 11 يناير 2024
banner
قصة مفزعة من كتب التخلف
الخميس 11 يناير 2024

عندما تقرأ خبرا عن انتحار طالب بسبب ضعف درجاته وتوبيخ أسرته له، أو انتحار شابة بسبب سوء فهم حبيبها وغيرها من القصص المشابهة، هنا تشعر أن هناك اضطرابا مرضيا بين بعض فئات المجتمع، موسيقى غير مألوفة تنبعث من الظلام، ولعل الكاتب المسرحي الألماني “فرانك فيديكند” قد عبر عن هذه المأساة المدونة في كتب التخلف في مسرحيته الرائعة “صحوة الربيع” التي تتحدث عن مأساة الشباب عندما تتفتح فيهم براعم الحياة ويبدأ فيهم النضج الطبيعي، والمأساة تنحصر في الصراع القائم والدائم بين الرغبة الملحة وبين الكبت والرفض الذي تتطلبه القوانين الاجتماعية والخلقية. فبطلة المسرحية “فندلا” انتهت بالانتحار، وهي نهاية حتمية للخلاص من الصراع الذي لا مخرج له كما حددته الأحداث المأساوية. والبطلة فندلا زهرة أو برعم سقط قبل أن يزهر أو يثمر، وأصبحت في براءتها ضحية على مذبح الحب، فقد قتلت نفسها لأن المجتمع أقنعها أن مجرد التفكير في الحب دنس وخطيئة مميتة لابد من التكفير عنها بالموت.
ويقدم “فيديكند” في مسرحيته أنماطا مختلفة من الشخصيات، وهم جميعا من الشباب، فمنهم المهرج ومنهم المنطوي على نفسه الذي يحفظ دروسه ويعيد حفظها خشية أن يفشل في النجاح آخر العام، ويؤكد الفكرة المأساوية فيجعل هذا الشاب يتخلص من حياته أيضا لأن مدرسيه أقاموا في نفسه رعبا وفزعا من الامتحان، وخاف المسكين من الرسوب فقطع حياته قبل الامتحان. ولعل مأساة هذا الشاب المنطوي على المذاكرة تؤكد وتعمق المفهوم المأساوي للبطلة فندلا.
أحداث المسرحية تنقل لنا ما يعانيه الشباب في بعض المجتمعات التي تحاصرهم وتخنق الأحلام وتلغي خصوصية الفرد وتعامل الأبناء على أنهم قماش مهلهل. إنها قضية صراع الشباب مع وسطه المجتمعي، وهي قصة بسيطة، لكنها مفزعة.

*  كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .