العدد 5565
الثلاثاء 09 يناير 2024
banner
الشعر داخل مشهد لجريمة
الثلاثاء 09 يناير 2024


مثلما هي جريمة مروعة فإن غزة حالة إنسانية جارحة وملهمة للشعراء والمبدعين من كل أنحاء العالم، والشاهد على معاناة الضمير الإنساني جراء همجية العدوان الإسرائيلي ومقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني،  70 % منهم أطفال ونساء، علاوة على التدمير الذي لحق بكل أشكال الحياة، وأمام هذه الجريمة البربرية اقشعرت ضمائر الشعراء، ارتعدت أبدانهم، وسالت الأشعار من أميركا وروسيا والصين وإسبانيا، ومن مختلف اللغات والجنسيات تعبر عن الغضب والرفض القاطع لما يحدث في غزة.
أدركت أميركا حجم الجريمة التي تقوم بها ضد الفلسطينيين، وفي محاولة لتحسين صورتها طلب الرئيس الأميركي بايدن لقاء الشاعرة روبي كور، ولكنها رفضت أن تلبي الدعوة، وردت ببيان شديد اللهجة، قالت فيه: اليوم لا تقوم الحكومة الأميركية بتمويل قصف غزة فحسب، بل تستمر في تبرير الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بغض النظر عن عدد مخيمات اللاجئين والمرافق الصحية ودور العبادة التي تم تدميرها، إنهم يرفضون الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
مواقف الشعراء تلك وقصائدهم رصدتها مجلة الأهرام العربي، وقامت بنشرها في عدد خاص مميز حمل دموع الشعراء من أنحاء العالم تجاه ما يحدث في غزة، منها قصيدة طويلة للشاعرة الأميركية رو فريمان بعنوان "شريان الحياة إلى غزة"، حيث تصور نفسها داخل مشهد سينمائي لجريمة يقتل فيه الشيوخ والأطفال:
أنا أعيش داخل مشهد لجريمة.. لا أشم فيه إلا الموت، لقد فقدت للتو بعض أصدقائي.. شيخي الذي علمني القرآن، قتل للتو، إن شاء الله - سأنجو
أنا مؤمنة بكل ما حدث، وما سوف يحدث، لم أعد خائفة.
بينما يكتب الشاعر الإنجليزي مايكل روزن عن أشياء غريبة يتعلمها أطفال غزة :الأطفال في غزة.. يتعلمون أن السماء تقتل والبيوت تجرح، يتعلمون أن غطاءك دخان، وإفطارك تراب. وفى قصيدة رائعة للشاعر الإيطالي ايجال شيرونى يكتب كيف تم خداعنا بالسلام المزيف، كما خدعت الشجرة في النصل الحاد وهو يقطع جذرها، يقول:
لم يبق سوى الانتظار
لتنمو شجرة الزيتون التي اقتلعتها فأسك
الفأس التي قالت للشجرة اطمئني، فمقبضي من صنع خشبك. الشجرة التى فتنتها سراب السلام.. تساقطت قطعا أمام طمع النصل، سأنتظرها يا أخي
فالخائن قطع جذع الشجرة.. لكن جذورها راسخة، سيمضي الوقت وتصبح ثمار الجذع ماردا.
وكتب الشاعر الروسي ألكسندر بروخانوف كيف يستعد البطل الفلسطيني للحرب الجديدة وهو يخرج من بين الركام:
وطني الحبيب المبارك
حتى بين البيوت والسلالم المحطمة
وفوق أكوام الدروع المتفحمة
يضيء الهلال الإلهي
وطني المدمى
أمى ارتقت بقذيفة شهيدة
وأنا أضمد جرحي
أعد سلاحي لحرب جديدة.
فيما يخاطب الشاعر الصيني جيدي ماجيا شاعر القضية محمود درويش قائلا:
درويش أيا أخى العزيز
بداخل قلبي حزن عميق
فقد صليت من أجل القسطاس والعدالة
لأجل من حرموا أوطانهم
هؤلاء الذين فقدوا هويتهم ليحموا أرضهم
وقد تحملوا وجعا ودمارا.
أما الشاعر الإسباني انخل بيتيسمي فيخاطب رام الله:
لم أر طيورا في رام الله، لكني رأيت البحر...
وبدا لي ذلك غمزة قدر، علامة، لمحة من أمل. كنت بأمس الحاجة إليها في تلك الأيام.
عندما كانت فلسطين تتنفس لأجلي.

مدير تحرير صحيفة الأهرام
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية