بكل أسف وحسرة، ما تزال فترات الركود تعترض مسيرتنا الثقافية كفجوات معوقة، تعطل الاندفاع الذي تعوزه جدا مرحلتنا الثقافية والفنية الراهنة، وهي المرحلة التي قفز فيها جيراننا وأشقاؤنا إلى مراحل متقدمة جدا. لقد تخلفنا طويلا، ويفترض بنا أن نوسع الخطى، تلك هي الحتمية التي تؤطر أو ينبغي أن تؤطر محاولاتنا للنهوض من جديد في كل المجالات المختلفة، ونحن لو تقصينا تلك الفجوات التي تعطل حركتنا لعثرنا عليها في جملة عوامل منها.. عدم الاهتمام الكافي بالمشكلة المسرحية، وهنا لا نعني الاهتمام بالمعونات المادية التي تصرف لمسارحنا الأهلية، وهي من الأساس مبالغ غير كافية، إنما نقصد معنى أشمل، بحيث تعامل الدولة المسرح كوجه حضاري يجب أن ينال أهميته التي يستحقها، وهناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن الدولة لا تخلق فنا، لكنها تساعد الفن القائم وتنشطه بما تملك من أجهزة إعلام، وبما تقدمه من مساعدات مادية.
القضية الثانية هي نظام التفرغ الذي تجمد ولم نعد نسمع عنه أي شيء من الجهة المسؤولة، وحسب علمنا أن نظام التفرغ في ميدان الفنون والآداب يعطى عادة ضمن شروط معينة، وللفنان الذي سلخ قسطا كبيرا من حياته في العمل الجاد والبحث العلمي الدقيق، ولا حاجة بنا إلى القول إن ما تنفقه الدولة على المتفرغ ستجنيه ثمرات خيرة من الخبرة والأعمال الفنية، وهي من أهم مظاهر التقدم والحضارة.
والقضية الثالثة تدخل في إطار “إنقاذ ما يمكن إنقاذه”، فنسبة كبيرة من الشباب عموما في حالة توقف عن القراءة، وتوقف عن شراء الكتب بطبيعة الحال، فلم تعد القراءة محببة في النفوس كما كان أيام زمان، وذلك لافتقادنا خطة ونظرة شاملة ورؤية سليمة تحفز على المطالعة والثقافة، فعلاقة الشاب بالكتاب تنتهي مع الثانوية العامة، في حين أن مسألة التشجيع على القراءة تحتاج إلى شحنات مستمرة.
لقد عملنا لجانا لكل مجال، فلماذا لا يتم تشكيل لجنة لدراسة الأسباب التي أدت إلى ابتعاد الثقافة في مملكة البحرين عن ممارسة دورها الحقيقي، وتحليل الأسباب ومعرفة الحلول اللازمة. 
* كاتب بحريني