العدد 5558
الثلاثاء 02 يناير 2024
banner
حرب غزة وأوان الانسحاب (1)
الثلاثاء 02 يناير 2024


ليس من الصعب على إسرائيل أن تحدث هذا الدمار والخراب الشامل في قطاع غزة، والذي وصفته المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، بـ "وحشية القرن"، فلم يكن يتوقع تمكن حماس من الحيلولة دون ذلك بأي مقياس من مقاييس القوة، وفي ظل الفارق الرهيب في الإمكانيات والقدرات، لكن هل كان هذا التدمير هو الهدف الذي تسعى إليه إسرائيل من حربها في غزة، أم أنه كان نتاجًا لفشلها في هذه الحرب؟
واضح أن الفشل الاستراتيجي في الحرب وعدم تحقيق الأهداف الرئيسية منها ومن أهمها القضاء على حماس واستعادة الأسرى والرهائن هو الذي دفع إسرائيل لتعويض هذا الفشل وصرف الأنظار الداخلية والخارجية عنه بهذا العنف والتمادي في البطش وإنزال هذا الكم غير المسبوق من التدمير في البنية التحتية وفي المؤسسات التعليمية والصحية والمنازل والبيوت الفلسطينية وإزهاق أرواح الآلاف من المدنيين، ولاسيما الأطفال وكبار السن والعاملين في منظمات دولية وجهات لا علاقة لها بالحرب.
بل حتى على هذا الصعيد الميداني القتالي البحت، منيت إسرائيل بخسائر لم تكن متوقعة على الإطلاق في فداحتها لاسيما في ظل امتلاكها أشد الأسلحة فتكًا وأكثرها تقدمًا، ويكفينا في هذا السياق الإشارة إلى أن اليوم 79 من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (الأحد 24 ديسمبر 2023) منذ بداية الحرب، وصف إسرائيليًا باليوم الأسود، حيث قتل في هذا اليوم فقط 15 ضابطا وجنديا وفقا لرواية الجيش الإسرائيلي نفسه.
لهذا لم يكن غريبا أن يحذر الكثير من المحللين ومن بينهم الكاتبان توني كارسون ودانييل ليفي في مقالة على موقع "The Nation" في 10 ديسمبر 2023 إسرائيل من خسارة المعركة ضد حماس التي أضحت ندا لتل أبيب رغم قلة عديدها وعتادها وهو ما اعتبراه "ضربا من ضروب اللامعقول"، أن يظهر هؤلاء المسلحون غير النظاميين بسالة ومقاومة وندية لواحد من أقوى الجيوش في العالم رغم عدم امتلاكهم إلا القليل من الأسلحة المتقدمة ولا يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، بل ومحاصرون منذ سنوات في قطاع غزة. وللحديث بقية.

كاتب مصري
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية