العدد 5553
الخميس 28 ديسمبر 2023
banner
الحرية في الملاعب الإيرانية
الخميس 28 ديسمبر 2023

لم يكن أمرا هينا أن تسمح السلطات الإيرانية للنساء بحضور ومشاهدة مباراة في كرة القدم من المدرجات، بعد عقود طويلة من حرمان النساء من الظهور في الملاعب الكروية، وتحديدا منذ ما سمي بالثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، وفرض نوع من وصاية رجال الدين من أصحاب النفوذ والقرار الإيراني على المرأة بحجة حمايتها من رؤية الرياضيين الذكور بسراويل رياضية، أو بمبررات من قبل المسؤولين عن الرياضة بأن الملاعب والبنية الرياضية غير مؤهلة لاستقبال النساء في بيئة ملائمة لهن.
في 14 ديسمبر 2023 فك هذا الحظر، وسمح لنحو 3000 مشجعة إيرانية بحضور مباراة بين فريق استقلال طهران وبيرسبوليس، وهو حدث مهم له دلالاته حتى لو كان بأعداد محدودة وبأماكن معدة لهن، خصوصا بعد أن مر بسلاسة وهدوء دون تعرض المشجعات لمضايقات كما حدث في مارس من العام 2022 لمن حضرن مباراة بين منتخبي إيران ولبنان في مدينة مشهد الإيرانية، إذ تعرضن للضرب على أيدي رجال الأمن. العلاقة بين الرياضة والسياسة معروفة، وكثيرًا ما ساهمت الرياضة في تقريب المسافات والعلاقات بين الدول والشعوب، وكثيرًا ما تستفيد الأنظمة من النجاحات والبطولات الرياضية على الصعيدين الداخلي والخارجي، لدرجة جعلت أحد أهم صناع الدعاية في التاريخ وهو جوزيف جوبلز يقول “إن الفوز بمباراة دولية أهم من السيطرة على مدينة ما”، فالرياضة من أهم أدوات القوة الناعمة للدولة، ولاسيما مع تزايد الاهتمام وتنوع المنافسات والبطولات القارية والعالمية.
من هنا فإنه لا يمكن النظر إلى السماح للنساء بالتواجد في المدرجات والسلاسة كحدث رياضي بحت، بل قد يأتي كمحاولة لتخفيف الضغوط الداخلية والاحتقانات المتفاقمة ضد النظام وسياساته وتجاوزاته في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، وضمن مساعي تلميع صورة هذا النظام أمام الخارج، خصوصا أنه جاء بعد حوار طويل وضغوط كبيرة من قبل الجهة المسؤولة عن الرياضة وهي الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، فهل ينجح المجتمع الدولي هو الآخر في الضغط على إيران من أجل الحرية في الساحة السياسية؟.
* كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية