العدد 5558
الثلاثاء 02 يناير 2024
banner
من يستبيح دم الحيوان الضعيف.. يتبرأ من إنسانيته
الثلاثاء 02 يناير 2024

“في بلدان العالم الراقية يحترم الناس إنسانيتهم، فيأنفون حتى من ذبح الحمامة، لأنها رمز الوداعة والسلام، أما الكلاب فلها جمعيات ترفق بها، وتحنو عليها، وتقدم لها الكساء والمأكل، لا طلبا لثناء أو جزاء، إنما أصحاب مثل هذه الجمعيات صفت نفوسهم، وتألقت إنسانيتهم، فأمنوا أن للحيوان روحا كما للإنسان، وأنه من الظلم والقسوة هدر روح الحيوان، وهي روح وهبت من الله، بمثل هذه السهولة لا لشيء إلا لأنه ضعيف وأخرس وغير قادر على التمرد.. هذا الحيوان لا يعي فعالية الصراع، ولا يعي الغاية الأساسية من الحياة”.
استحضرت ما كتبه والدنا الأديب والصحافي القدير محمد الماجد رحمه الله في “الأضواء” في نهاية الستينات تحت عنوان “كلاب ولكن تستحق الرحمة”، احتجاجا على قتل الكلاب الضالة آنذاك، بعدما قرأت وقرأ غيري التعليق القذر الذي نشره أحد “التماثيل” البشرية على خبر انخفاض نسبة شكاوى المواطنين من انتشار الكلاب السائبة للزميل حسن عبدالرسول حينما كتب “سمموهم.. ترى مجرد كلاب مو أطفال غزة”. ابرزي أكثر أيتها الصخور البشرية، فطوال السنين ترفرفون بعباءة مغشوشة، وربما تتحدثون أمام الناس عن النخل والأعناب والجنة وما يقرب إليها من عمل، لكنكم لا تستطيعون تقويم أنفسكم والدرب الذي تألفونه، فتعذيب الحيوان وقتله لذة مستباحة عندكم، منكم من يراهن ومنكم من يرفس وآخر يدهس، وضميركم العفن يلفه الصمت وحيدا. 
قبل أن تستبيحوا دم الحيوان الضعيف، عليكم التبرؤ من إنسانيتكم، فأنتم أرخص حتى من حشائش البحر، وإن كنتم محسوبين على الإسلام تمعنوا في الحديث “عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: عُذّبت امرأة في هرّة، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار؛ لا هي أطعمتها، ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية