العدد 5552
الأربعاء 27 ديسمبر 2023
banner
خطوة في الاتجاه الصحيح
الأربعاء 27 ديسمبر 2023

تلقيت كغيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي خبرا من إحدى المنصات الإخبارية عن أن أولياء أمور ومدرسين وطلبة وبرعاية مجلس الآباء ومديرة مدرسة المالكية الابتدائية الإعدادية للبنات قاموا بصباغة سور المدرسة كجزء من برنامج التربية "مدرستي جميلة بألوانها"، للحفاظ على جمال ورونق المدرسة. هذه المبادرة الرائعة والمقدرة أتمنى تطبيقها في باقي المدارس كجزء أساسي ومهم من تربية الطلاب على الانتماء وحب المدرسة لتكون جزءا لا يتجزأ من حياتهم، ولخلق روح الفريق الواحد في مثل هذه الأعمال التطوعية التي تنم عن ثقافة ورقي شعبنا الغالي، ناهيك عن زرع الوعي والثقة بالنفس.
وكما يعلم الجميع بأن دروس التربية غائبة عن مناهجنا التربوية والتعليمية، فنجد أن الطلبة وحتى تخرجهم لم يدرسوا شيئا في التربية! فماذا نتوقع منهم؟ صحيح أن التربية مسؤولية وواجب الوالدين والعائلة، لكن للمدرسة دور مهم وحيوي لأن الطالب يمكث وقتا طويلا فيها، ويختلط بباقي الطلبة من مختلف الدرجات والمستويات التربوية، فمن الضروري التركيز على زرع الوعي والذوق والإتيكيت وحسن المعاملة وأدب الحديث والاحترام والإخلاص وروح التعاون وحسن الخلق والقيم وغيرها من الصفات الحسنة التي ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
ووصف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه على خلق عظيم، وهذه الأمة أمة قيادة ورسالة ودعوة، ولمّا بعث إليها رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام جاء ليتمّم مكارم الأخلاق، وكانت جميع أحكام الله تعالى وشريعته تغرس الفضائل في النفوس وتربّي المجتمعات على الأخلاق، وتسعى لبيان كيان قائم على العفة والخير والقيم وأرقى درجات الأخلاق ومراتب الصلاح الديني والدنيوي، فالإسلام جاء منهج هداية للبشرية في تصحيح عقائدها وتهذيب نفوسها وتقويم أخلاقها وإصلاح مجتمعاتها ونشر الخير والفضيلة بين أفرادها، ومحاربة الشر وإقصائه عن بيئاتها، وكانت مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ومعالي القيم وفضائل الشيم وكريم الصفات والسجايا من أسمى ما دعا إليه الإسلام.
وإذا أخذنا تجربة اليابان مثالا، فإن الطلاب اليابانيين لا يخوضون معترك الامتحانات حتى عمر 10 سنوات، لأن التعليم في اليابان يركز أكثر في هذه المرحلة بالذات على تعليم الطلبة آداب السلوك السليم أكثر من التركيز على الحفظ والاختبارات، فالأولوية لتنمية شخصية الطالب وسلوكياته.
فخلال السنوات الثلاث الأولى، يهتم النظام التعليمي الياباني بتعليم الطفل كيف يعيش ويحترم الآخرين، وكيف يتعامل مع الحيوانات ويهتم بها، وكيف يفهم الطبيعة ويصبح إنساناً لديه قيم إنسانية مثل ضبط النفس والاحساس بالمسؤولية والعدالة وغيرها من القيم.
وكجزء من التعليم الياباني يُلقن الطلاب دروساً حول كيفية الحفاظ على البيئة المحيطة بهم ونظافتها، فهم يتعلمون أن النظافة "مسؤولية كل شخص"، فيتعاون الطلاب ويتكاتفون معاً لتنظيف مدرستهم وفصلهم والمكان المحيط بهم. ويتناول الطلاب اليابانيون الطعام داخل فصولهم، تحت إشراف معلمهم، إذ يتعلمون كيف ينظفون الطاولات بعد تناول وجباتهم وقبل مغادرتهم المدرسة، وكيف يجمعون القمامة ويضعونها داخل السلة على اختلاف أنواعها، وبذلك لا تحتاج اليابان إلى تعيين عمال نظافة داخل المدارس، فالطلاب بالتعاون مع معلميهم يؤدون هذه المهمة بإتقان وحب.
ويعود إتقان هذه المهمات على الطفل بالنفع عن طريق التحلي بالشعور بالمسؤولية عن نظافة المكان الذي يجلس فيه سواء داخل المدرسة أو المنزل أو في أي مكان عام، وبالتالي يتعلمون قيمة مشاركة البيئة النظيفة مع الآخرين، ومن هنا يتنامى مفهوم "العمل المشترك" لديهم، من أجل أن يفيد ويستفيد في الوقت ذاته من أجل الحفاظ على بيئتهم ومجتمعهم ووطنهم.
وبعد عرض التجربة اليابانية، ألا تعتقدون أننا بأمس الحاجة إلى مراجعة شاملة لمناهج التربية عندنا؟
ألا نستحق أن نحقق ولو 50 % من هذه التجربة الرائدة؟
مجرد سؤال. وتذكروا بأن البحرين تستاهل.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية