العدد 5545
الأربعاء 20 ديسمبر 2023
banner
السياحة البينية.. إلى أين؟
الأربعاء 20 ديسمبر 2023

استوقفني إعلان الخطوط الجوية القطرية بمنح حسومات للمتقاعدين القطريين 25 % على درجة رجال الأعمال و50 % على الدرجة السياحية من يناير 2024، هذه المبادرة المقدرة والذكية تحسب للإدارة الجديدة لهذه الناقلة التي أصبحت تنافس كبريات شركات الطيران في العالم. والحقيقة أنا لست هنا بصدد عمل دعاية لهذه الناقلة بقدر ما جعلني الأمر أستذكر مقالي الذي كتبته قبل عدة سنوات وطالبت فيه الحكومات الخليجية بالاتفاق على أن تكون أسعار تذاكر الطيران مخفضة بين دول مجلس التعاون الخليجي، فهذا التوجه يأتي في صميم سياسة وعمل منظومة مجلس التعاون، وذلك كجزء من استراتيجية موحدة لتشجيع وتنشيط السياحة ولتكون رافدا مهما من روافد الاقتصاد الوطني لدولها.
لاشك أن هذا القرار سيشجع كثيرا السياحة البينية بين دول المجلس، فليست معقولة الأسعار المطبقة حاليا، ومتى ما كانت الأسعار في متناول الجميع فإن أعداد المسافرين سترتفع بشكل ملحوظ، وبالتالي سيكون لهذه الرحلات مردود قوي على اقتصاد جميع الدول الخليجية، فالفنادق والأسواق والمطاعم والمقاهي والاتصالات والمواصلات... ستزدهر وتنمو بشكل كبير بسبب زيارات السياح الخليجيين والمقيمين العرب والأجانب، أليس كذلك؟ لا أعلم أين مكمن الخلل عندنا، شخصيا لا أجد أي سبب في عدم تطبيق ذلك! أعرف الكثير من الأشخاص وخصوصا من العائلات البحرينية التي تهوي السفر إلى دول الخليج العربية، خصوصا عندما يكون الجو مناسبا، أي 6 شهور في السنة على أقل تقدير، لكنها تتراجع عن قرارها بسبب الأسعار الباهظة جدا وغير المبررة للتذاكر. الغريب أن الكثير من مكاتب السفر تطرح رحلات سياحية إلى بعض الدول غير الخليجية وبأسعار أرخص بكثير من دول الخليج، فالناس تتحمس للذهاب إلى تلك الدول، خصوصا أنها تمتلك مقومات سياحية رائعة من المناخ والطبيعة والوجهات السياحية المختلفة وغيرها، وهي كذلك تفوق الكثير من الدول الخليجية في السياحة.
شخصيا، قمت بشراء تذكرة مرجعة على سبيل المثال وليس الحصر من إسطنبول إلى فيينا والعودة من بودابست بقيمة 100 دينار لا غير، والرحلة استغرقت أكثر من ساعتين! وعلى الناقلة الوطنية التركية، وعلى النقيض، فإن قيمة التذكرة السياحية إلى دبي على سبيل المثال وليس الحصر تبلغ حوالي 145 دينارا! والرحلة مدتها أقل من ساعة واحدة. لذا أجد أنه آن الأوان لاتخاذ قرار بتخفيض يصل إلى 50 % من أسعار التذاكر بين دول الخليج العربي. وكما ذكرت فإن الدول الخليجية هي المستفيدة اقتصاديا في جميع مناحي الحياة، ناهيك عن زيادة الترابط الأسري بين دول المجلس، فدول الخليج كلها تربطها علاقات نسب وقرابة.
وإن كنت أعتقد أن هذا الاقتراح بعيد المنال، ولست متفائلا بتنفيذه، فإنني أتمنى من ناقلتنا الوطنية أن تحذو حذو الخطوط الجوية القطرية بمنح المتقاعدين حسومات على تذاكرها على جميع وجهاتها. هذه المبادرة المقدرة ستلقي بظلالها على سمعة الناقلة الوطنية بلا شك وتعزز دورها الريادي الوطني في خدمة المجتمع البحريني، وستكون ضربة معلم لهذه الشركة التي حققت إنجازات متميزة في الفترة الأخيرة. كما أنها تصب في مصب سياستها في المسؤولية الاجتماعية ومساهمتها الفاعلة في دعم الاقتصاد الوطني.
متمنيا لشركتنا الوطنية التعافي السريع والمستدام لتحقيق الأرباح أسوة بالناقلات الوطنية الأخرى في دول مجلس التعاون.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية