عاشت إسرائيل زمنًا طويلًا مدعومة بالبروباغندا الأميركية والغربية على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ونجحت في ترسيخ صورة مزيفة لدى الشعوب والحكومات على السواء، وظلت هذه الصورة خلال الأيام الأولى لانطلاق عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية بفضل الدعاية القوية للميديا الإسرائيلية والأميركية التي استندت للصورة الذهنية لحركة حماس واستفادت من عملية أخذ بعض الرهائن المدنيين في شن حملة شرسة ضد الفلسطينيين في الغرب. وجاءت تصريحات القادة الغربيين كلهم متماشية تمامًا مع الرواية الإسرائيلية الأميركية.
لكن هذه الحالة المزيفة لم تصمد طويلًا أمام صور المذابح البشعة وصور الأطفال المذبوحين بلا ذنب، فقد حدث تغيير واضح جدًّا في الغرب وحدث تغير كبير في الرأي العام الغربي، خصوصًا في بريطانيا والولايات المتحدة، وقد تجلى ذلك من خلال المظاهرات المليونية التي انطلقت في شوارع لندن وواشنطن وباريس وأحرجت الساسة الغربيين وأولهم الرئيس الأميركي والفرنسي، فقاموا على استحياء بتخفيف تصريحاتهم القاسية ضد الفلسطينيين، وبدأوا يطالبون إسرائيل بالالتزام بقواعد القانون الدولي.
صحيح أن تصريحات هؤلاء القادة جاءت نتيجة ضغوط الرأي العام في دولهم وخوفهم من خسارة الانتخابات المقبلة، لكنها في النهاية تشكل مكوّنًا ضمن الصورة السلبية التي اكتسبتها إسرائيل في العالم. إسرائيل خسرت كثيرًا من هذه الحرب رغم كل الدمار والقتل والمذابح التي ارتكبتها، وسيبقى التأثير السيئ لما ارتكبه نتنياهو من مذابح يطارد إسرائيل لزمن طويل. ومن أهم نتائج هذه الحرب أن إسرائيل فقدت هيبتها إلى الأبد وأصبح من السهل على المقاومة النيل منها كثيرًا في المستقبل.
كاتبة وأكاديمية بحرينية