كنت أستمع الى إذاعة "بي بي سي" العالمية مساء الخميس الماضي، فاستوقفني انزعاج المحاور من ظاهرة "الصحفي المواطن" والتي يمثلها أولئك الذين ينشرون أخبار أحداث غزة، ويعيدون نشرها من آخرين أولا بأول، والذين باتوا مصدرًا أساسيا للأحداث الجارية، حيث حاول وصفهم بغير الموضوعيين، وأنهم يسعون لكسب التأييد للطرف الفلسطيني، وأنهم لا يقدمون أي معلومات صحيحة، ووصف ما ينشر من خلالهم بالقمامة!.. ومن هنا يمكننا تلمس الحضور الساحق لـ "الصحفي المواطن" وسحبه البساط من الإعلام الدولي الذي روج في البداية رواية قطع رؤوس الأطفال الرضع، والتي تبين بعد ذلك أنها كانت ضمن سلسلة من الأكاذيب التي حاولت نشر الكراهية تجاه الفلسطينيين.

إن معظم الناس فقد الثقة بهذا الإعلام الغربي بعد الانحياز السافر الذي قام به، فعلى سبيل المثال: في الوقت الذي تصرح فيه منظمة الصحة العالمية بأن أهل غزة يفقدون خمسا من مقومات الحياة الستة، حيث يحصلون على الهواء فحسب، تجد وسائل الإعلام الغربي تبرر ذلك وغيره من جرائم ضد الشعب الفلسطيني يعاقب عليها القانون الدولي، تبررها بأنها دفاع عن النفس. 

وكان ذلك المحاور يوجه في الوقت نفسه الكثير من الانتقادات لـ "إيلون ماسك" صاحب منصة "إكس" -"تويتر" سابقا- لأنها تنفرد بتوفير السقف العالي لنشر الأخبار، بل تمنح عوائد مجزية جراء اشتراك المتابعين في حسابات هؤلاء المؤثرين الذين يمثلون "صحافة المواطن" واستدل ذلك المحاور على صحة انتقاداته بغلق الآلاف من الحسابات المماثلة في التطبيقات الأخرى.

لقد قامت مؤخرا حملة جديدة هذه الأيام للإضرار بمنصة "إكس" عبر حظر الإعلانات فيها بقرارات من أكبر الشركات العالمية، ومن هنا نجد تاثير كل ذلك في تحول صناعة الرأي العام الدولي من استنكار لما حدث في بداية شهر أكتوبر، إلى تعاطف كامل مع الشعب الفلسطيني أمام تعرضه لكل هذه الانتهاكات المستمرة كل يوم.

 "بي بي سي" وغيرها من وسائل الإعلام الدولية لديها حارس بوابة إعلامية، يفرض ما ينشر، ويتحكم فيه، بعكس "الصحفي المواطن" الذي ينقل الأحداث من أرض الواقع، فباتت وسائل الاعلام الدولية اليوم تحت ضغط كبير لنقل بعض الحقائق من معاناة الفلسطينيين لذر الرماد في العيون، وادعاء الموضوعية، وذلك يدل على المرحلة الجديدة التي باتت تؤثر حتى على أكبر وسائل الإعلام الدولي بفضل السقف العالي لمنصة "إكس".