العدد 5510
الأربعاء 15 نوفمبر 2023
banner
تصرفات وممارسات دخيلة
الأربعاء 15 نوفمبر 2023

نقرأ ونشاهد الكثير من القصص والروايات التي تعد من وحي الخيال، ونكاد لا نصدقها حتى لو أعطيت لنا الإثباتات، وتكون صادرة من أشخاص نثق بهم ثقة عمياء! فالمشاكل الاجتماعية والأسرية التي تخص العائلة لا تعد ولا تحصى، فلا يمر يوم لا نسمع فيه عن حوادث العنف الأسري وحالات الطلاق والتعدي على الوالدين أو أفراد العائلة! شخصياً أتأثر كثيرا من تلك الحوادث الغريبة، بل الدخيلة والمرفوضة من مجتمعنا البحريني، لدرجة أنني أعيش في حالة نفسية سيئة رغم عدم علاقتي بالحدث، فتارة نسمع أخبارا لا تسر عن حالات الجرائم والقتل، وتارة عن حالات الطلاق التي أصبحت هاجسا للكثير من المتزوجين، بل أصبحت من الأمور السهلة جدا لدى الرجال! فنجد أن حالات الطلاق في تصاعد مستمر لأسباب ليست مقنعة بل تافهة في أغلب الأوقات.
فقد استوقفني على سبيل المثال وليس الحصر أن شخصا فاجأ زوجته بزواجه من الثانية، وطلب منها أن تتقبل مشاركة الزوجة الجديدة في مسكنها، وهو عبارة عن شقة صغيرة. تصوروا ومن دون مقدمات، يصارحها بأنها حامل ولا يستطيع تحمل وتوفير مصاريف السكن في مكان آخر! هذه مجرد قصة من قصص الخيال والبؤس في مجتمعاتنا، ومجرد مثال لآلاف الحالات التي لا تعد ولا تحصى في أروقة المحاكم. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، فالزواج في الإسلام ارتباط رسمي وديني بين شخصين ارتضيا أن يتشاركا معا الحياة بكل مودة ورحمة. وهو بمثابة عقد اجتماعي وقانوني من أجل إثمار علاقة الحب والتفاهم بين الطرفين. حيث إنه ينسق بينهم العديد من جوانب الحياة سواء العاطفية أو القانونية أو الاقتصادية. ولا يعد الزواج عقدا فقط، لكنه طريقة وأسلوب قائم على مبدأ التراحم بين الزوجين.
نحن أمام وضع أو أزمة حقيقية وعلينا أن نقر بذلك، فهناك تفكك أسري وغياب وعي وسوء تربية وتعليم، ناهيك عن الإغراءات المتوفرة ميدانيًا وفي وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة!
أصبح الناس من الجنسين هياكل بشرية هشة، ولا أريد أن أخوض هنا في التفاصيل أكثر وفي أسبابها ومسبباتها، فأنا لست متخصصًا في هذا الشأن، ولا أريد أن أفتي في شيء ليس من اختصاصي، لكنني ارتأيت أنه من واجبي ككاتب أن أطرح هذا الموضوع للرأي العام ولأصحاب الشأن بسبب حرصي الشديد وواجبي تجاه المجتمع البحريني. كلي أمل أن تقوم جهات الاختصاص الرسمية والأهلية بالتصدي لهذه القضايا ووضع حد لها من خلال وضع تشريعات وقوانين جديدة أو تطويرها بما يحقق المصلحة العامة. وليعذرني القائمون على إدارة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذ إنها لا تقوم بأداء واجباتها ومسؤولياتها الملقاة على عاتقها، فهي مع الأسف الشديد نائمة في العسل! هذه الجمعيات التي أسست من أجل التصدي لهذه القضايا في مجتمعاتنا، وكأنها ليست حاضرة! وعندما يوجه الناس اللوم لها فإن الجواب يكون جاهزًا وهو عدم توافر الميزانية! هذا العذر الذي أصبح شماعة لتبرير فشلنا.
لذا يتحتم بل من واجب وزارة التنمية الاجتماعية وضع قوانين جديدة وصارمة عند منح أية جهة الموافقة، أو إعادة النظر في تجديد منح الرخصة لتلك الجمعيات التي لا تترجم ما نص عليه نظامها الأساسي ورؤيتها ورسالتها النبيلة! والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية