ماذا عسانا نفعل في مثل هذه الأيام الثقال، ولا حيلة لدينا أمام ما يتم ارتكابه من مجازر بحق أهالي قطاع غزة، سوى أن نذكرهم بالدعاء ونجمع لهم التبرعات ونبكي ونحن نرى جثث الأطفال في ازدياد، لكنني بقناعة خالصة أرى أن لدينا الكثير لنقدمه، أبسط ما يمكن تقديمه هو الإخلاص، الإخلاص في العمل، الإخلاص في العلاقات، الإخلاص في برنا بأهالينا، الإخلاص في عبادتنا ومعاملاتنا، إن الرسالة المستفادة مما يعايشه أهالي غزة من معاناة وصبرهم وإيمانهم بالله مصدره الإخلاص في الإيمان، لذا فإن الإخلاص يعد الدرس الأول المستفاد من كل ما يجري.
ولأنني من الشخصيات التي لا تقتنع بسهولة، ولا تأخذ القصص أو السير على محمل الجد والإيمان المطلق دون تفكير أو بصيرة، فقد كنت دوما أتساءل عن حديث يشغل بالي منذ الصغر نصه يقول “إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا”. كنت أسأل نفسي كيف للإنسان أن يعاصر أهوال يوم كهذا ويقوم بعمل حياتي عادي، ثم رأيت بأم عيني الأمهات في غزة يخبزن الطعام ويسقين عيالهن من ماء البحر، ورأيت الأطفال في الساحات، والآباء يذهبون أميالا لتعبئة مياه صالحة للشرب، والفرق الطبية بكل مكوناتها في أهبة الاستعداد وسط قصف بربري همجي مجنون، لم يستسلموا للموت رغم أنهم محاصرون به كل دقيقة دون توقف!
أعتقد أن ما يحدث في قطاع غزة جاء ليلهمنا، ليشد أزرنا، لنقنع بما نملك من راحة وأمان ونعم، لنحاسب أنفسنا ونراقبها، لنزداد إيمانا بأن الأديان كلها من رب واحد، وأن عدوها لا يهمه من أنت، ومن تكون، وما صلتك بتلك الأرض، وما الدين الذي تدين به!.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية