إن مسيرة حياة الإنسان لا تسير كلها على وتيرة واحدة، فلكل مرحلة عمرية طبيعتها واحتياجاتها، فنحن نتأثر بفعل العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي تحيط بنا، وتعد التقلبات التي يمر بها الفرد في مسيرة حياته طبيعية، خصوصا إذا كانت ترتقي بالشخص وتنقله لمرحلة حياتية أفضل مما كان يعيش فيها، وذلك لأن المراجعات الذاتية تلعب دورا في التغيير الإيجابي، فذاك الشخص الذي قد يكون اجتماعيا بطبيعته المتعارف عليها، والذي اعتاد على الحديث ومشاركة الآخرين قد يتغير بفعل ظروف مصاحبة ويجد نفسه في مرحلة أقرب لما يعرف بالصمت واللجوء للعزلة قليلا، إن هذا الصمت ليس سيئاً دائماً، خصوصا مع وجود تفسيرات واضحة للأسباب التي تجعل من الشخص قليل الكلام ويميل للصمت المصاحب للعزلة أحيانا.
ويعد الصمت في عداد الممارسات الطبيعية، لكن بشرط أن لا يتم الإفراط في هذه الممارسة وإلا ستترتب أضرار نفسية كبيرة، وذلك أن هذه الممارسات مرتبطة بالحالة العقلية وحالة الوعي، فكثرة الصمت وعدم التحدث ومشاركة الآخرين والمحيطين قد تساعد على تشكل الهلاوس والهذيان، وقد تبطئ من قدرة الحواس على ممارسة أدوارها، فيشعر الفرد بثقل في الممارسات العادية التي كان يقوم بها، وقد يؤدي الصمت بعد ذلك للتمهيد لظهور حالة الحزن وصولاً للكآبة والوقوع في دائرة الاضطرابات النفسية.
الصمت الإيجابي هو الذي لا تطول مدته بحجة الرغبة في مراجعة الذات، ولا يكون ردة فعل لخيبة عميقة أو بداية انطفاء وانسحاب من المحيط، إنما هو حاجة تظهر لأهميتها، فبعض الصمت كفيل بتهدئة النفس من أجل إعادة النظر في الكثير من الأمور بصورة أوضح.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية