العدد 5479
الأحد 15 أكتوبر 2023
banner
الأخطر من الإدانة
الأحد 15 أكتوبر 2023

استيقظ العالم صباح يوم السبت 7 أكتوبر الجاري 2023م على مشهد غير مسبوق في تاريخ المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل وسقوط المئات من القتلى والمصابين الإسرائيليين، وتباينت ردود الفعل تجاه هذه الأحداث ما بين الإدانة للفصائل الفلسطينية، وبين التحذير العام من مخاطر هذا التصعيد على الجميع، وبين من يحمل الجانب الإسرائيلي مسؤولية ما حدث، وهو أمر معروف ومفهوم في عالم السياسة، إذ من حق كل دولة أن تتخذ الموقف الذي تراه منسجمًا مع مصالحها وعلاقاتها.
إلا أن الخطير في الأمر هو أن تتم معاقبة شعب بأكمله على ما فعله بعض أبناء هذا الشعب، إذ أعلنت المفوضية الأوروبية (وكذلك بعض الدول الأوروبية) في التاسع من أكتوبر 2023 أنها ستضع كل مساعدات التنمية للفلسطينيين وقيمتها 691 مليون يورو (728.66 مليون دولار) قيد المراجعة وتعلق جميع المدفوعات على الفور بعد هجوم حماس على إسرائيل.
من حق المفوضية أن تنتقد وتدين ما فعلته حماس وتصفه بما تشاء، لكن لماذا تحمل الشعب الفلسطيني تبعات ما حصل، وهل هذا الشعب في وضع يسمح له بالاستغناء على أية مساعدة مالية خارجية أو حتى يمتلك أدوات للضغط على حماس وإيقاف عملياتها.
فإذا كان حجم "الإرهاب" و"الوحشية" ضد إسرائيل وشعبها يمثل نقطة تحول كما قال  أوليفر فارهيلي مفوض الاتحاد الأوروبي، فإن تأجيل المساعدات الفلسطينية ليس هو الحل ولا الخيار الصحيح الذي سيضمن له معالجة أسس السلام  والتسامح والتعايش كما يريد هو، نعم نحن وكما قال فارهيلي بحاجة إلى فعل ونحتاج إليه الآن، لكن هذا الفعل الذي نحتاجه بشدة هو المزيد من المساعدة للشعب الفلسطيني على كافة المستويات لكي يعيش كغيره من شعوب المنطقة في دولة آمنة مستقرة ذات سيادة.
ولقد عبرت أسبانيا (التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حاليا) بوضوح عما يجب أن يكون عليه الفصل بين ما هو سياسي وما هو إنساني، ففي الوقت الذي أعربت فيه عن صدمتها جراء "العنف الأعمى" نتيجة العملية الواسعة لحماس على إسرائيل، وأدانتها على لسان وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس، إلا أنها أكدت في ذات الوقت عدم ارتياحها ومعارضتها القرار الذي أعلنته المفوضية الأوروبية بتعليق مساعداتها للفلسطينيين بعد هجوم حماس. وقام الوزير نفسه خوسيه مانويل ألباريس بإجراء محادثة هاتفية مع المفوض (الأوروبي أوليفر فارهيلي) للتعبير عن عدم موافقته على هذا القرار.
لهذا فمن المهم تحقيق دعوة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لكل الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وبدون عراقيل إلى المناطق المتضررة في فلسطين التزاما بمبادئ القانون الإنساني واتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية أرواح المدنيين ومعيشتهم بما في ذلك ضمان وصول الغذاء.

كاتب مصري
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .