يشهد العالم كل يوم تغييرات جمة على جميع الأصعدة، تظهر مع تقدم الإنسان في البحث والدراسات، وهذه التغييرات نافعة للبشرية مع وجود بعض الثغرات التي يجب أن تُسدّ وأن تؤخذ في الحسبان لئلا تنقلب إلى سلاح مدمر، فكل تقنية لها جانبها المفيد لها أيضا جانب ضار، فهي سلاح ذو حدين، وإذا أردنا الاستفادة منها غلّبنا جانبها النافع وتداركنا جانبها الضار.
ومن أبرز الجوانب التي حلّق فيها الإنسان في هذا الزمن الجانب التقني، لا سيما مع استخدامات الشبكة العنكبوتية، حيث تعددت المواقع في شتى المجالات، وتنوعت وسائل التواصل، وتيسّرت، وتدانت أطراف العالم، فالموقع الواحد يجمع أفرادا من أدنى المعمورة وأقصاها في لحظة واحدة، وتشعبت كثير من المهمات العملية، كما طرأ التغيير على طريقة إنجاز الأعمال المختلفة في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، فصار العالم الكبير قرية صغيرة، والحاسوب بوابتها الواسعة، تدخل منه إلى حيث العلوم والصناعات والتجارب والتجارة والصحة والتواصل والترفيه، وإلى تنفيذ المهمات وإنجاز المعاملات بدقة وسرعة فائقة، ومن هنا باتت الشبكة العنكبوتية تحاصرنا محاصرة لا قوة لنا عليها، ولا غنى لنا عنها أيضا، فقد أصبحت إلى الضرورة أقرب منها إلى الرفاهية، وليس علينا إلا التسليم بأهميتها، والتكيف مع تطوراتها، وبذل الجهد للوعي بمخاطرها ومنحدراتها الشائكة، ومعرفة دروبها الممهدة ومفاتيح الأمان فيها، وتوعية الجيل الناشئ بكلا الجانبين؛ جيّدِه ورديئِه، لتعزيز مستوى الأمن التقني لديهم، مع المحافظة على قيمهم وأخلاقياتهم وإدراك السبيل الأقوم للاستفادة من التقنية قدر الإمكان، دون أن يمسنا منها ضرر. ومن المعلوم أيضا أن الذكاء الاصطناعي المحاكي لعبقرية الإنسان وذكائه قد تغلغل في العديد من جوانب العمل الحكومي في كثير من الدول، والتوجه قائم للاستفادة مما يُعرف بالذكاء الاصطناعي التوليدي، لزيادة الإنتاجية، ولأداء المهمات الأكثر تعقيدا؛ بكفاءة أكبر، ودقة أكثر، والتي كانت تتطلب الكثير من الطاقات البشرية، والكثير من الجهد والوقت في زمن مضى.
من هنا بات التأكيد على السلامة السيبرانية مهمًّا في هذه المرحلة، وهذا ما حرصت عليه وزارة التربية والتعليم في مملكتنا حيث شرعت في نشر ثقافة الاستعمال الآمن للتكنولوجيا بين الطلبة والمعلمين بمختلف المراحل الدراسية وأعدت الورش والدورات المتخصصة في هذا السبيل، عبر تضمين المناهج المدرسية بهذا الجانب الحيوي الذي ينتظرنا في المستقبل القريب، والقريب جدا على ما يبدو مع العناية بأمانهم الإلكتروني، وإكسابهم مهارات التعامل مع التقنية الحديثة.
كاتب بحريني