ربما يتخيل البعض من عنوان المقال أننا نتحدث عن دولة متقدمة وصلت لمرحلة من الرفاهية بأن ينشغل بعض أفرادها بفتح “كافيهات” للقطط، إلا أن هذا “الكافيه” كان في بقعة من أشد بقاع الدنيا احتياجًا، ومنطقة يعاني سكانها معاناة شديدة في شتى مناحي الحياة لأجل توفير الحد الأدنى من مقوماتها.
وفقًا لما نشرته الـ “بي بي سي” على موقعها على الإنترنت مؤخرًا، افتتحت سيدة أول كافيه للقطط في قطاع غزة، ويوفر “خدمة” مداعبة القطط للهواة والمحبين والعامة بحجة أن ذلك من شأنه التخفيف من الضغوط النفسية الناجمة عن المعاناة الإنسانية. لا أدري ما هو شعور المانحين والمتعاطفين مع أهالي غزة عندما يرون مثل هذه المشاريع الترفيهية التي لا تمس مقومات الحياة ولا تسهم في توفير منتج أو سلعة أو خدمة، وهل سيستمر تعاطفهم وتتواصل منحهم أم سيقومون بمراجعة الأمر وتقييم الموقف، بالرغم من أن الوضع ليس بحاجة لسؤال ليتأكد الجميع من أن قطاع غزة بحاجة لكل عون لتستمر حياة الناس، ويكفينا بهذا السياق الإشارة إلى النداء الإنساني من قبل مسؤولين أمميين وهما مدير شؤون “أونروا” بغزة توماس وايت، ومنسقة الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا” لين هاستينغز، لتلبية احتياجات سكان قطاع غزة الإنسانية في المجالات كافة، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك بغزة نهاية يناير 2023، مؤكدين فيه أن الظروف الإنسانية في الأراضي الفلسطينية تؤثر على جميع أنحاء الإقليم وتلحق الضرر بكل مناحي حياة الفلسطينيين، حيث يعتمد 3 من كل 4 أشخاص على المساعدات الغذائية التي تقدّمها وكالة الأونروا، وأن نسبة انعدام الأمن الغذائي بين العائلات الفقيرة بغزة تزداد سوءاً.
وفي الوقت الذي يناشدون فيه المجتمع الدولي من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية لغزة، حيث يعيش نحو مليون ونصف مليون فرد من سكانها البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، حالة فقر شديدة (نسبة الفقر في القطاع تصل لـ 60 %)، فإن صاحبة مقهى القطط تدعو زبائنها للترويح عن أنفسهم باللعب مع القطط!.
* كاتب مصري