العدد 5420
الخميس 17 أغسطس 2023
banner
د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
وداعا فرنسا
الخميس 17 أغسطس 2023

كانت فرنسا إحدى أقوى الامبراطوريات الأوروبية بعصر ما قبل سقوط الكنيسة الرومانية المقدسة على يد الفلاسفة، إلى ما بعد عصر الثورة الفرنسية. وقد مدت يدها لتصل إلى أميركا الشمالية وأفريقيا، فأما في أميركا الشمالية فقد تمت هزيمتها على يد الامبراطورية البريطانية وفقدت كل مستعمراتها ولم تبق لها إلا مقاطعة كيوبيك الكندية التي تتكلم الفرنسية فقط من دون تبعية لفرنسا. وفي أفريقيا وبالرغم من أن الثوار الأفارقة أطاحوا بالفرنسيين، إلا أن فرنسا مازالت تستعمر بعض الدول الأفريقية بشكل غير مباشر، سواء بالاتفاقيات أو المعاهدات أو عن طريق لوبياتها الفرانكفونية، أو حتى عن طريق لغتها الفرنسية التي تعتبر لغة رسمية لهذه الدول الأفريقية، ونظرا لأن العالم بدأ يتغير من صعود القطبين الكبيرين الصين وروسيا، ومع ظهور التنافس الأميركي الأوروبي بشكل غير مباشر حتى إن اجتمعوا وكانوا حلفاء بالناتو أو كدول غربية، فإن ذلك شجع بعض دول العالم على الاستقلالية السياسية والاقتصادية والعسكرية، والتركيز على تنويع التحالفات، وانتهاج سياسة الحيادية، أو تكوين تحالفات حيادية كما فعلت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والسعودية، وفي أفريقيا قامت الانقلابات العسكرية كما حدث في مالي وبوركينا فاسو من أجل هدف واحد هو طرد الفرنسيين من بلادهم وإنهاء الاستعمار الفرنسي غير المباشر لبلادهم.
وقبل أسابيع أطاح الجيش النيجيري بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد بازوم، وأعلن قادة الانقلاب تعليق الدستور وتكوين مجلس عسكري ووقف الاتفاقيات مع فرنسا، في رسالة واضحة وجلية بأن فرنسا ستودع آخر مستعمراتها غير المباشرة في أفريقيا، وسط ترحيب كبير من قبل جيران النيجر في مالي وبوركينا فاسو وحياد الجزائر وتشاد، وتردد من قبل مجموعة ايكواس التي لا تريد أن تتعرض لانقلابات مماثلة، وبالطبع فإن ذلك يسعد العم سام الذي سيمد لاحقا يده للنيجر للبدء في وضع موطئ قدم بالقارة السمراء قائلا للحليف الفرنسي: وداعا يا فرنسا.
* كاتب سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية