العدد 5381
الأحد 09 يوليو 2023
banner
د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
“قال مراسلنا”... “علمت مصادرنا”
الأحد 09 يوليو 2023

مع ظهور الفضائيات في عالمنا العربي قبل ثلاثين سنة تقريبا، وصلت عملية نقل المعلومة إلى ذروتها بهذه الفضائيات، حيث جذبت الرأي العام لشاشاتها بشكل ملفت للنظر قبل أن تطيح منصات التواصل الرقمية بهذه الفضائيات، فقد سيطرت هذه المنصات على المعلومة بشكل لم يسبق له بالتاريخ الإعلامي، فبمجرد حدوث الحدث أو خروج المعلومة فإن هذه المنصات، بما فيها منصات الصحف، تبث المعلومة بسرعة أكبر من سرعة هذه الفضائيات، وبدل أن تحاول هذه الفضائيات العمل على منافسة هذه المنصات أو ابتكار استراتيجية جديدة لنشر المعلومة بصورة أسرع، نجدها تخدع نفسها قبل أن تخدع الرأي العام، وذلك من خلال التصوير والإيهام بأنها هي وحدها من يحصل ويبث المعلومة قبل الجميع.
ومن صور هذا الخداع نشر هذه الفضائيات جملة “علمت مصادرنا” أو “قال مراسلنا”، ثم بث محتوى المعلومة والخبر أثناء نشرات الأخبار وبرامجها الإخبارية، فعندما تبث هذه الفضائيات خبرا مفاده مثلا: علمت مصادرنا تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أو كمثال آخر: قال مراسلنا إن الاشتباكات قد تجددت بين الجيش السوداني والدعم السريع، فإن ذلك يعني أن المعلومة هذه لم يستطع أحد أن يحصل عليها إلا مراسل هذه الفضائية أو مصادرها، بينما معلومة (تجدد هذه الاشتباكات) وصلت قبل ساعتين للمنصات الرقمية وتم بثها للجميع، كون هذه الاشتباكات لم تقع بالمريخ بل على الأرض، حيث الجنود أنفسهم يبثون ما يحدث ثانية بثانية، وكذلك الرأي العام يسمع أصوات الاشتباكات قبل مراسل أو مصادر هذه الفضائيات. والأغبى من ذلك أن يتم بث مقولة (علمت مصادرنا وقال مراسلنا) بنشرات الأخبار كل مرة لساعات، في الوقت الذي تنشر فيه هذه المنصات معلومات جديدة وجديدة وجديدة.
إنها إحدى صور الخداع والضحك على النفس من قبل هذه الفضائيات في زمن ستفقد فيه المنصات الرقمية نفسها القيادة والريادة لوسيلة أخرى لا نعرف هويتها حتى الآن.

*كاتب سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .