العدد 5379
الجمعة 07 يوليو 2023
banner
بعض المعوقات لتحقيق “حوكمة الشركات”
الجمعة 07 يوليو 2023


مع تطور الأنظمة الإدارية وتشعب أعمال الشركات وتداخلها مع الأنظمة الأخرى وما قد ينجم عن ذلك من تقصير في الإدارة أو عدم تحقيق الأهداف، تبين أن أحكام قوانين الشركات غير كافية أو قد لا تؤدي الغرض لتحقيق الطموحات في حسن إدارة الشركة. ولذا، تم استحداث مبادئ جديدة تتمثل في "مبادئ حوكمة الشركات"؛ للوصول إلى الإدارة المثالية في الشركات عبر مبادئ الحوكمة المتمثلة في الإفصاح والشفافية والمسؤولية والمساءلة وخدمة أصحاب المصلحة والمساهمة المجتمعية وغيرها.

من أهم ما يميز مبادئ حوكمة الشركات، النص على وجود مجلس إدارة لديه القدرة والعلم والتأهيل لإدارة الشركة، مع النص أيضا على ضرورة قيام كل عضو في مجلس الإدارة بدوره كاملا بصفته الفردية، وفي الوقت نفسه العمل مع بقية أعضاء مجلس الإدارة في تناغم تام يوضح توفر الروح الجماعية في إدارة الشركة. 

ويجب على رئيس المجلس العمل على تعزيز هذا الوضع مع توفير الإمكانيات لتنفيذه مع انتهاج بدائل جديدة للإدارة عبر تشكيل لجان متخصصة من المجلس لكل منها دور محدد يصب في مصلحة إدارة الشركة. 

وبالرغم من هذه التطورات في مبادئ حوكمة الشركات، إلا أننا نلاحظ وجود بعض الأحكام في قوانين الشركات تسير في الاتجاه المعاكس لهذه التوجهات؛ لأنها لا تصب في مصلحة حوكمة الشركات وفلسفتها، بل قد تهدمها وتفرغها من محتواها وكأننا نحرث في البحر. ولابد من إعادة النظر في هذه الأحكام إذا أردنا لحوكمة الشركات البقاء؛ للارتقاء بشركاتنا لتحلق عاليا.

كما أوضحنا، فإن مبادئ الحوكمة تنادي بضرورة وجود أعضاء فاعلين ومؤهلين ومقتدرين لتبوؤ عضوية مجلس الإدارة، ولكن هناك معوقات داخل قوانين الشركات في المنطقة قد تحول دون ذلك ومنها مثلا، أن أي مساهم يملك 10 % أو أكثر من رأس مال الشركة يحق له أن يكون عضوا في مجلس إدارة الشركة، أو تعيين من يمثله في مجلس الإدارة وفق النسبة التي يملكها في رأس المال. وهذا بكل بساطة يعني أن من يملك المال قد يسيطر على مجلس إدارة الشركة بغض النظر عن مؤهلاته أو مقدراته أو خبراته، بل يكفي أنه يملك الأموال الكافية للسيطرة على رأس مال الشركة، وبالتالي السيطرة على مجلس الإدارة، وهكذا نضرب بالمبادئ التي ذكرناها في الحوكمة عرض الحائط؛ لأن صاحب هذه الأموال الذي يمكِّنه القانون من عضوية مجلس الإدارة قد لا يملك أي مؤهلات تؤهله لإدارة متجر صغير أو مشروع متناهي الصغر، ناهيك عن شركة كبيرة. 

وهناك نقطة أخرى تتمثل في أن القانون يمنح الحق للمساهمين في عزل أي من أعضاء مجلس الإدارة وهذا العضو، ولسوء الطالع، قد يكون أكثر أعضاء المجلس مقدرة وكفاءة وأمانة وإلماماً بالمتطلبات المطلوبة وفق المبادئ التي تنادي بها الحوكمة، وهذا قد يهدم بناء الحوكمة داخل الشركة ويضر بها ضررا بليغا. 

ونحن لا نطالب بالحد من الصلاحيات القانونية التي يمنحها القانون للمساهمين، ولكن نطالب بمراعاة منح بعض الأفضلية، ولا نقول الحصانة للأعضاء الملتزمين بتحقيق مبادئ الحوكمة ومنحهم الفرصة للاستمرار كلما كان ذلك ممكنا لتحقيق الفائدة مع الحرص على الابتعاد عن "شخصنة" الأمور، بل نكران الذات لمصلحة الجميع.  

نرى أن هذه النقاط، تحتاج للدراسة وإعادة النظر؛ وذلك لتحقيق الانسجام المطلوب بين قوانين الشركات ومبادئ حوكمة الشركات؛ من أجل تهيئة الساحة للوصول إلى المبتغى، ولنعمل ولنزيل هذه العوائق لنطبق ما نؤمن به ولخلق "المؤسسية" والريادة داخل شركاتنا.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .